كثرتُهم كنتُ أَكثرَهم ماءَ واد.
وَلاَ يجوزُ فيهِ الرفْعُ الذي جازَ معَ العلمِ ، لأَنَّ كثَرت ليسَ من الأفعالِ التي يجوز تعليقها إنَّما تلك ما كانَ من الأفعالِ داخلاً على المبتدأِ وخبرهِ (١).
التضمين
أوْ الذهاب إِلى المعنى
قَرأَ أَبو طالوت عبد السلام بن شدَّاد والجارودُ بنُ أَبي سَبرةَ : (وَمَا يُخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ) (٢) بِضَم الياءِ وفتح الدَّالِ.
قال أَبو الفتح : هذا على قولِك خدعتُ زيداً نفسَهُ ، ومعناهُ عن نفسهِ ، فَإنْ شِئْتَ قلتَ على هذا : حُذِفَ حرفُ الجرِّ فَوُصِلَ الفعلُ (٣).
وإنْ شئتَ قلتَ : حَمَلهُ على المعنى ، فاضمر له ما ينصبه. وذلك أَنَّ قَولَك : خدعتُ زيداً عن نفسِهِ يدخُلُهُ معنى : انتقصتُهُ نفسَهُ ، وملكتُ عليهِ نفسَهُ وهذا من أَسدِّ وأدمثِ مذاهبِ العربية ، وذلك أَنَّه موضعٌ يملك فيه المعنى عِنَانَ الكلام فيأخذُهُ إِليهِ ، ويصرفُهُ بحسبِ ما يؤثرهُ عليهِ.
وجملتُهُ : أَنَّهُ مَتَى كانَ فِعْلٌ مِنَ الأفعالِ في معنى فعل آخر فكثيراً ما يُجري أحدُهُمَا مُجرَى صاحبِهِ فيعدلُ في الاستعمالِ بهِ إليه ، ويحتذى في تصرُّفِهِ حذوَ صاحبِهِ ، وإِنْ كانَ طريقُ الاستعمالِ والعُرفِ ضدَّ مَأْخذِهِ. أَلا
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩ : (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ).
(٣) نؤجّل الحديث عن ذلك إلى مبحث النصب بنزع الخافض.