ترى إِلى قولِ اللهِ جلّ اسمه : (هَلْ لَك إِلى أَنْ تَزَكّى) (١) ، وأَنْتَ إِنَّما تقول : هَلْ لك في كذَا؟ لَكِنَّهُ لَمّا دَخَلَه معنى اجذبك إلى كذا وأدعوك إليه ، قال : (هَلْ لَك إِلى أَنْ تَزَكَّى)؟ وعليه قول الفرزدق :
كَيفَ تَراني قالياً مِجَنّي |
|
قَدْ قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي (٢) |
فاستعمل (عن) هاهنا لِما دخله من معنى قد صرفه الله عني ، لاَِنه إِذا قتله فقد صرفه عنه ، وعليه قوله تعالى : (أُحِلَ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَتُ إِلَى نِسَائِكُمْ) (٣) وَأَنْتَ لا تَقول رَفَثْتُ إلى المرأةِ ، وإنَّما تَقَولُ رَفَثْتُ بِها وَمَعها ، لَمَّا كان الرفثُ بمعنى الإفضاءِ عُدّيَ بإلى (٤) كما يعدَّى أَفضيتُ بِإِلى ، نحو قولكَ أفضيت إِلى المرأةِ. وهو بابٌ واسعٌ (٥) ومنقاد وقد تقصّيناه في كتابنا الخصائص (٦) ، فكذلك قوله عزَّوجلَّ : (وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنْفُسَهم) جاءَ على خدعتُه نفسَهُ لَمَّا كان معناهُ مَعنى انتقصته نفسه ، أوْ تَخَوَّنتُه نفسه (٧) ورأيتُ
__________________
(١) سورة النازعات : ٧٩ / ١٨.
(٢) قاله الفرزدق لما بلغه موت زياد بن أبيه. ويروى (قالباً) بالباء. انظر : الديوان : ٢ / ٨٨١ والخصائص : ٢ / ٣١٠ ، ٤٣٥ والمحتسب : ١ / ٥٢ والجنى الداني : ٢٦٢ والمغني : ٢ / ٦٨٦ وشرح الأشموني : ٢ / ٩٥.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.
(٤) انظر : معاني القرآن للأخفش : ٥٨ / آ والتمام : ٢٠٥ و ٢٢٩.
(٥) قال أَبو الفتح : أحسب لو جُمِعَ ما جاءَ منهُ لجاءَ منهُ كتابٌ يكون مئين أَوراقاً وقال : والحمل على المعنى كثيرٌ جداً في الإيجاب وضدَّهُ وشواهدُ هذا في النثر والنظمأكثر من أنْ أحصيها. انظر : التمام : ١٦٦ و ١٨٨ والمغني : ٢ / ٦٨٦.
(٦) انظر : الخصائص : ٢ / ٣٠٨.
(٧) قال أبو حيان : انتصاب ما بعد إلاّ إمَّا على التمييز على مذهب الكوفيين ، وإمَّا على