وليست بينَ أحدِ الجزأين اللذين هما مبتدأ وخبر ونحو ذَلِك ، كقولك : ظَنَنْتُ زيداً هو خيراً مِنْك ، وكان زيدٌ هوَ القائمَ.
وَأَنَا مِنْ بَعْدُ أرَى أَنَّ لهذهِ القراءةِ وَجْهاً صحيحاً وهو أَنْ تجعلَ (هُنَّ) أحدَ جزأي الجملةِ ، وتجعلها خبراً لـ (بَنَاتِي) كقولِك زيدٌ أخوك هُو وتجعل (أطْهَرَ) حالاً مِنْ (هُنَّ) أوْ مِنْ (بَنَاتِي) والعامِلُ فيهِ معنى الإشارةِ ، كقولِك : هذا زيدٌ هُوَ قائماً أوْ جالِساً أَوْ نحو ذَلِك فَعَلى هذا مجازُهُ ، فَأَمَّا على ما ذهبَ إليهِ سيبويه (١) ففاسد كما قال (٢).
٥ ـ ضمير الشأنِ
قرأَ أُبَيّ بن كعب والحسنُ : (لَكِنْ أَنَا هُوَ اللهُ رَبِّي) (٣) وقرأ : (لكِنْ هُوَ اللهُ رَبِّي) ـ ساكنة النون من غير أَلِف ـ عيسى الثقفي. قال أبو الفتح : قراءة اُبيّ هذهِ هي أصل قراءة أَبي عمرو وغيرهِ : (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) فخفَّفَ همزة (أَنَا) بِأَن حُذِفَتْ وألِقَيَتْ حركتُها على مَا قبلَها ، فصارتْ (لَكِنَّنَا) ثم التقت النونانِ متحرّكتينِ ، فَأُسْكِنَت الأُولى ، وأُدْغِمَتْ في الثانيةِ فصارتْ (لكنّ) في الإدراجِ. فَإِذَا وقفتَ أَلْحَقْتَ الألِفَ لبيانِ الحركةِ فقلتَ : (لَكِنَّا) ، فـ (أَنَا) على هذا مرفوعٌ بالابتداء وخبرُهُ الجملةُ وهي مركبة من مبتدأ وخبر ، فالمبتدأ (هو) وهو ضمير الشّأنِ والحديث (٤) ، والجملة بعدَه خبرٌ عنهُ ، وهي مركبة من مبتدأ وخبر ،
__________________
ولا للقراءة» ، وهي كما قالوا في طبعة بولاق لكنَّهَا مثبتة في كتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون : ٢ / ٣٩٧ غير أن سيبويه كان ناقلاً قول يُونُس.
(١) من وقوع ضمير الفصل بين الحال وصاحبها.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٣٨ : (لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي).
(٤) ويسمّى ضمير القصّة أيضاً : شرح المفصل : ٣ / ١١٤ وهمع الهوامع : ١ / ٦٧.