فالمبتدأُ (الله) والخبرُ (رَبّي) والجملةُ خبر عن (هُوَ) ، و (هُوَ) ومابعدَهُ من الجملةِ خبر عن (إنا) والعائد عليه من الجملة بعده الياء في (رَبّي) كقولِك : أنا قائم غلامي.
فَإن قُلْتَ : فما العائد على (هو) من الجملة بعده التي هي خبر عنه؟ فانه لاعائد على المبتدأ أبداً إذا كان ضميرالشأنِ والقصةِ ، كقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) (١).
فـ (اللهُ أَحَدٌ) خبر عَنْ هُوَ (٢) ، وهو ضميرُ الشَّأنِ والحديثِ ولا عائد عليه من الجملة بعدَهُ التي هي (اللهُ أَحَدٌ) وإنَّما كانَ كَذلِك من قِبَل أنَّ المبتدأَ إنَّما احتاج إلى العائدِ من الجملةِ بعدَهُ إذا كانَتْ خبراً عنهُ ، لأِ نَّهَا لَيْسَتْ هي المبتدأ ، فاحتاجَتْ إلى عودِ ضمير مِنْها عليهِ ، ليلتبسَ بذلك الضميرِ بجملته.
وأما (هُوَ) من قولنا : هو الله ربي ونحوه فهو الجملة نفسها ، أَلا تَرَاه ضَميرَ الشأنِ وقولنا الله رَبَّي شَأنٌ وَحَديثٌ في المعنى؟ فَلَمَّا كَانَتْ هَذهِ الجملةُ هي نفس المبتدأِ لَمْ يَحْتَجْ إلى عائد عنه مِنْها وليسَ كَذَلِك زيدٌ قام أخوه ، لأنّ زيداً ليسَ بقولك قام أَخوه في المعنى : فَلَمْ يكنْ لَهُ بدٌّ من أنْ يَعُودَ عليه ضمير منهُ ليلتبسَ بهِ ، فيصير خبراً عَنْهُ. وَمَنْ قَرأ : (لَكِنْ هُوَ اللهُ رَبّي) فـ (هُوَ) ضَمير الشأنِ والجملةُ بعدَهُ خبرٌ عَنْهُ عَلى مَا مَضَى آنِفَاً وَهَذا واضح (٣).
__________________
(١) سورة الإخلاص : ١١٢ / ١.
(٢) هذا رأي جماعة من البصريين والكسائي من الكوفيين. قال الفرّاء : «وقد قال الكسائي فيه قولاً لا أراه شيئاً. قال : هو عماد. مثل قولِهِ تعالى : (إنَّهُ أَنَا اللهُ) سورة النمل : ٢٧ / ٩ فجعلَ (أَحْد) مرفوعاً بالله وجعل هو بمنزلةِ الهاء في (إِنَّه) ولا يكون العِمَادُ مستأنفاً بِهِ حَتَّى يكونَ قبله (إنَّ) أوْ بعضُ أخواتِها أوْ (كانَ) أو الظن». انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٢٩٩ وشرح المفصَّل لابن يعيش : ٣ / ١١٤.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٩ ـ ٣٠.