وأَما (تِسْعَةُ عْشَرَ) بِضَمِّ هاءِ (تسعةُ) ، وسكونِ عينِ عْشَرَةَ فَلأ نَّهُ وإن لَمْ يَكُنْ مُرَكَّباً فَإنَّ العَطفَ فِيهِ واجبٌ لِتَكميلِ العِدَّةَ ، وقَدْ كَانَ سُمِعَ فِيهِ سَكُونُ العينِ فِي قولِ مَن قالَ : (تِسعَة عْشَر) فَلاَحَظَ سكونَهَا هُنَاك فَأقَرَّهُ بِحَالِهِ.
وأَما (تِسْعَةُ وعْشُرَ) فَطَريقُهُ أَنَّهُ أَرادَ : تِسْعَةُ أَعْشُر بِهمزة كَمَا تَرَى ، كالرُوايةِ الأخْرىَ (تِسْعَةُ أَعشرَ) فَخَفَّفَ الهمزةَ بِأَنْ قلبها واواً خالصةً فِي اللَّفظ ، لاَِ نَّهَا مَفْتُوحةٌ وقبلها ضَمَّةً ، فَجَرتْ مجرى تخفيفِ جؤن إذا قلت جون. وعلى أَنَّ هذهِ الهمزة هَا هُنَا منكرة غير معروفة عِنْدَ أَصحَابِنَا ولِذَلِكَ قَالَ سيبويه (١) فِي هَذَا هِيَ : أَحَدَ عَشَرَ بِلاَ أَلِف كقولِكَ أَحَد جَمَل تحايداً عَنْ هذه الهَمزة واستنكاراً لَهَا والعامَّةُ تَقُولُ ذَلِكَ مولعةً بِهَا (٢).
خَمْسَة وخَمَسَة
لَمْ يَقْرَأ أَحَد (خَمَسَةَ) (٣) بِفَتْحِ الميم إلاّ ابنُ كَثير وحْدَهُ فِي روايةِ حسن ابن محمّد عن شبل.
قَالَ أبو الفتح : لَمْ يُحَركْ مِيمُ خمسة إلاّ عَنْ سَـمَـاع ويَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أُتْبِعَتْ عَشَرَةً ، ولَيْسَ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ اتبعَ الفتحَ الفتحَ كقولِ رؤبة :
مُشْتَبِـهِ الأعـلامِ لَـمَّـاعِ الخَفَـقْ (٤)
__________________
(١) عبارة سيبويه : «فَإذا جاوز المذكرُ العشرة فزاد عليها واحداً قلت : أَحَدَ عَشَرَ كَأَ نَّكَ قلت أَحَدَ جَمَلَ. وليستْ فِي عَشَرَةَ ألِف». الكتاب : ٢ / ١٧١.
(٢) المحتسب : ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٤٠.
(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ٢٢ : (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ).
(٤) تقدّم الشاهد في : ص : ٤٨٥.