قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا (تِسْعَةَ عْشَرَ) ، بِفَتْحِ هَاءِ تسعةَ ، وسكون عَينِ عْشَرَ ، فَلأجْلِ كَثْرَةِ الحَرَكَاتِ ، وأَنَّ الاسمينِ جُعِلاَ كاسم واحد فَلَمْ يوقفْ عَلَى الأولِ مِنْهُمَا فَيحتاج إلى الابتداءِ بالثاني ، فَلَمَّا أُمِنَ ذَلِكَ أُسْكِن أَولُهُ وجُعِلَ ذَلِكَ أَمَارةً لقوةِ اتصالِ أَحَد الاسْميَنِ بصاحبِهِ (١).
قَالَ أَبو الحَسَن (٢) : ولاَ يَجُوزُ ذَلِك مَعَ اثنا عَشَرَ ولا اثني عَشَرَ ، لِسكون الأول مِنَ الحَرفيِنِ ، أَعْنِي الألِف والياء ، فيلتقي ساكنان في الوصل ليس أولهما حرف لين والثاني مُدْغماً.
وعَلى أَنَّه قَدْ رُويَ عَنْ ابنِ جَمَّاز عَنْ أَبِي جعفر اثنا عْشَر ، بسكونِ العينِ وفيهِ ما ذَكَرْنَاهُ.
وقَال أَبو حاتِم في (تِسْعَةَ أَعْشرَ) لاَ وجْهَ لَهُ نَعْرِفُهُ ، إلاَّ أنْ يَعْنِي تِسْعَةَ أَعْشُر جمع العَشر أو شَيئاً غَيرَ الَّذي وقَعِ فِي قُلُوبِنَا.
وأَمَّا (تِسْعَةُ وعْشَرَ) فَطَرِيقُهُ أَنَّهُ فَكّ التركيب وعَطَفَ على تسعة عَشَرَ عَلَى أصل مَا كَان عَلَيهِ الاسمان قَبْلَ التَركِيبِ مِنَ العَطْفِ. أَلاَ تَرَى أَنَّ أَصْلَهُ تِسْعَةٌ وعَشَرةَ؟ كقولِكَ تسعةٌ وعشرونَ إلاَّ أَنَّهُ حَذَفَ التَنْوينَ مِن تسعة لكثرةِ استعماله كما حَكَى أَبو الحسنِ عَنْهُم من قولهم : سلامُ عَلَيكم ، بحذِف تنوين (سَلامٌ) ، قَالَ : وذَلِكَ لِكثْرَةِ استعمَالِهِم إيَّاهُ.
__________________
(١) هَذَا رأي أَبي الحسن الأخْفَش كَمَا سَيَتَّضِحُ.
(٢) نص عبارة أبي الحسن الأخْفَش : «قَالَ بَعْضُهُم : أَحَدَ عْشَرَ وأَسْكَنَ العَينَ وكَذلِكَ تسعَة عْشَرَ إلى العشرين لَمَا طَالَ الاسمُ وكَثُرتَ مُتَحَرّكَاتُهُ اسْكَنُوا ولَمْ يَسْكِنُوا فِي قَولِهِم اثني عَشَر واثنا عَشَرَ للحرفِ السَّاكِن الَّذي قَبْلَ العينِ وحركة العين في هذا كُلِّهِ هو الأصل». معاني القرآن للأخفش : ١٣٦ / أ.