التمهيد
نشأة الاحتجاج للقراءات وتطوره
بدأَ الاحتجاج للقراءات في أَولِ أمره على صورة تخريجات لبعض القراءات والاحتكام فيها إِلى اللغة وحمل قراءة على قراءة.
فقد رُوي أَنَّ عمر بن الخطاب (ت / ٢٣ هـ) قرأ : (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) (١) بفتحِ الرّاءِ. وقرأَ بعض من عنده من الصحابة : (ضَيِّقاً حَرِجاً) (٢) بكَسْرِ الرَّاءِ.
فقال عمر : أبغوني رجلا من كنانة واجعلوه (٣) راعياً ولْيَكنْ مُدلجيًّا (٤).
فَأتَوهُ بهِ فقالَ عمر : يا فتى ما الحَرَجَةُ؟ قال : الحَرَجَةُ فينا الشَجَرةُ تكونُ بينَ الأشجار ، لا تصل إِليها راعيةٌ ولا وحشيةٌ ولا شيء.
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٥.
(٢) قرأ نافع وأبو بكر حَرِجاً بالكسر وباقي السبعة بالفتح.
انظر : التيسير : ١٠٦ والكشف عن وجوه القراءات : ١ / ٤٥٠ والجامع لأحكام القرآن : ٧ / ١٨ والبحر المحيط : ٤ / ٢١٨.
(٣) أي التسموه وليكنْ راعياً.
(٤) قبيلة من بني مرّة بن كنانة هم القافة المشهورون ، وأرض مرعاهم كثيرة الشجر.