الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه
قَرَأَ مُسْلِم بن جُنْدَب : (وأَنَّ الظَّالِمينَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ) (١) نصبٌ.
قَالَ أَبو الفَتْحِ : هُو معطوفٌ عَلَى (كَلِمَةِ الفَصْل) أَيْ : ولَولاَ كَلِمَةُ الفَصْلِ ، وأَنَّ الظَّالِمينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ ، ولَولاَ أَنَّ الظَّالِمِينَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُمْ أنَّهُمْ سَيَخْتَارُونَ ما يوجِبُ عَلَيْهِم العذاب لهم لَقُضيَ بَيْنَهُمْ.
وجَازَ الفَصْلُ بَيْنَ الَمعْطُوفِ والَمعْطوفِ عَليهِ بجوابِ (لَوْلاَ) ، الَّذِي هُو قَولُهُ : (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) لاَِنَّ ذَلِك شَايِعٌ وكَثيرٌ عَنْهُم.
قَالَ لَبِيد :
فَصَلْقنَا فِي مُرَاد صَلْقَةً |
|
وصُدَاء أَلْحَقَتْهُمْ بِالثَّلَلْ (٢) |
أيْ : فَصَلَقْنَا فِي مُرَاد وصُدَاء صَلْقَةً.
وفيهِ أَيضاً فَصْلٌ بَيْنَ الموصوفِ الَّذِي هُو صَلْقَةٌ والصِّفَة الَّتِي هِيَ قَولُهُ : أَلْحَقَتْهُم بِالثَّلَلْ ، بالمَعْطُوفِ الَّذِي هُو قَولُهُ : (وصُدَاء) ، والْمَوصوفُ مَعَ ذَلِكَ نَكِرةٌ. ومَا أَقْوى حَاجَتَها إِلَى الصفَةِ! ومِثْلُهُ مَا أنشَدَنُاهُ أَبو علي مِنْ قـولِ الآخر :
أمَرَّتْ مِنَ الكَتَّانِ خَيْطَاً وأَرْسَلَتْ |
|
رَسُولاً إلَى أُخْرَى جَرِيًّا يُعِينُهَا (٣) |
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الشورى : ٤٢ / ٢١ : (وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
(٢) فصلقنا : فصحنا. الثلل : الهلاك ، ومراد وصُدَاء قبيلتان. الديوان : ١٩٣ والمحتسب : ٢ / ٢٥٠ ولسان العرب : ـ ثلل ـ و ـ صلق ـ ١٢ / ٧٤ و ١٣ / ٩٥ ومعجم شواهد العربية : ٢ / ٢٦١.
(٣) الجَرِيْ : الوكيل ، ويريدُ بهِ الشاعرُ الرسولَ لاَِ نَّهُ يَجْري في إداءِ رِسَالته.
أراد : وأرسلت إلى أُخرى رسولاً جرياً. انظر : التمام : ٩٣ والخصائص : ٢ / ٣٩٦.