أَي : تُعْدِي فَوارِسنا خيلهم عن كذا ، فحذف المفعول بعد المفعول وَتُعْدِيَها مِنْ عَدَا الفرسُ كقولنا جرى ، وَعَلى أَنَّ أَصْلَها واحدٌ ، لأَنَّ الفرسَ إذَا عَدَا فَقَدْ جَاوَزَ مَكاناً إلى غيرهِ (١).
وَقَرَأَ الجماعةُ : (مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِك مِنْ أَوْلِيَاء) (٢) فَإنَّ قَوْلَهُ : (مِنْ أوْلِيَاء) في موضعِ المفعولِ بهِ ، أَي أولياء ، فهو كقولك ضربت رَجُلاً ، فَإنْ نفيتَ قُلْتَ مَا ضَرَبْتُ مِنْ رَجُل (٣).
المنصوب بفعل محذوف
قَرَأَ الحسن : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاداً فِي الأَرْضِ) (٤) بنصبِ الفسادِ.
قالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ ذَلِك على فعل محذوف يَدلُّ عليهِ أولُ الكلامِ ، وَذَلِك أَنَّ قَتْلَ النفسِ بغيرِ النفسِ مِنْ أَعْظَمِ الفَسادِ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَوْ أَتى فَسَاداً ، أَوَ ركِبَ فَساداً ، أَو أَحْدَثَ فَسَاداً ، وَحَذْفَ الفِعْلِ النَّاصِبِ لِدلالةِ الكلام عليهِ ، وإبقاءِ عملِه ناطقاً بهِ وَدَلِيلاً عليهِ مِعَ ما يدلُّ مِنْ غيرِهِ عليهِ أَكْثَرُ مِنْ أنْ يُؤْتَى بشيء مِنْهُ مَعَ وُضُوحِ الحالِ بهِ ، إلاَّ أَنَّ مِنْهُ قولُ القطامي :
__________________
يكونَ جبلاً ، والآل : السَّرابُ. انظر : الخصائص : ١ / ١٣٤ والمحتسب : ٢ / ٢٧ والإنصافُ : ١ / ٩١ واللسان : ١٣ / ٧٨.
(١) المحتسب : ٢ / ٢٧.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ١٨.
(٣) المحتسب : ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.
(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٣٢ : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الأَرْضِ فَكَأَ نَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).