رَبُنا كَمَا تَقَولُ تعالى جَدُّ رَبِّنَا ، فالتعالي مستعمل مَعَهُمَا جَمِيعاً ، كَمَا يُقَالُ يَسُرُّنِي زَيْدٌ قِيامُهُ ، وأنت تقول : يَسُرُّنِي زَيدٌ ، ويَسُرُّنِي قِيَامُهُ. وهَذَا بيانُ مَا أَنْكَرَهُ ابنُ مُجَاهِد (١).
وقَرأَ الأَعرج وابنُ يَعْمَر والحَسن ـ بخلاف ـ وابنُ أبي إِسحاق وعمرو ونُعَيم بن مَيْسَرة : (أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبِ) (٢).
قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَمَّا (الكَذِب) بِالجَرِّ فَبَدَلٌ مِنْ (مَا) فِي قَولِهِ : (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُم) أَيْ : لاَ تَقُولُوا لِلْكَذِبِ الَّذِي تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ (٣).
٢ ـ بدل الفعل من الفعل
رَوى الأَعمش قَالَ : في قراءة ابنِ مسعود : (يُحَاسِبْكُمْ بهِ اللهُ يَغْفرْ لِمَنْ يَشَاءُ ويعذّبْ مَنْ يَشَاءُ) (٤) جزمٌ بغير فاء.
قَالَ أَبو الفتح : جَزْم هذا على البدل (٥) من (يُحَاسِبُكُم) عَلَى وجهِ التفصيلِ لجملةِ الحسابِ ، ولاَ محالةَ إنَّ التفصيلَ أوضحُ منَ الـمُـفَصَّل فَجَرى مجرى بَدلِ البعضِ أو الاشتمال. والبعضُ : كضربتُ زيداً رأسَهُ والاشتمالُ : كأُحِبُّ زيداً عَقْلَهُ.
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣.
(٢) من قوله تعالى من سورة النحل : ١٦ / ١١٦ : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّـتَفْـتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).
(٣) المحتسب : ٢ / ١٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٢٨٤ : (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).
(٥) قال ابنُ الأَنباري : الجزم بالعطف على (يُحَاسِبْكم). انظر : البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ١٨٦.