وهَذَا البَدَلُ ونَحُوهُ واقِعٌ فِي الأَفعالِ وقوعَهُ فِي الأَسماءِ لِحاجَةِ القَبيلَينِ إلَى البيانِ ، فَمِنْ ذَلِك قولُ اللهِ سُبْحَانَهُ : (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِك يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (١) لاَِنَّ مُضَاعَفَةَ العَذَابِ هُو لُقُيُّ الأَثَامِ.
وعَليهِ قَولُهُ :
رُويداً بَنِي شَيْبَانَ بَعَضَ وعَيدِكُمْ |
|
تُلاَقُوا غداً خَيْلِي عَلَى سَفَوَانِ |
تُلاَقُوا جِياداً لاَ تَحيدُ عَنِ الوَغى |
|
إذَا مَا غَدَتْ فِي المَأزِقِ المُتَدَانِي |
تُلاقُوهُمُ فَتَعْرِفُوا كَيْفَ صَبْرُهُمْ |
|
عَلَى ما جَنَتْ فِيهم يَدَا الحَدَثَانِ (٢) |
فَأَبْدَلَ تُلاقُوا جياداً مِنْ قَوْلِهِ : تُلاَقُوا غداً خَيْلِي ، وَجَازَ إِبْدَالُهُ مِنْهُ للبيان وإِنْ كَانَ مِنْ لفظه وعلى مثالهِ لما اتّصل بالثاني من قوله جياداً لا تحيدُ عن الوغَى ، وأبدلَ تُلاقُوهم من تلاقُوا جياداً لِمَا اتَّصَلَ بِهِ من المعطوفِ عليهِ وهو قولُهُ : (فَتَعْلَمُوا (٣) كَيفَ صَبْرُهُمُ) وإِذا حصلتْ فائدةُ البيانِ لم تُبلْ أَمِنْ نَفْسِ المُبْدَلِ كَانَتْ أُمْ مِمَّا اتَّصَلَ بهِ فضلةً عليهِ أُمْ مِنْ مَعْطُوف مَضْمُوم إِليهِ ، فَإِنَّ أكثر الفوائد إِنَّما تُجْتَنَى من الألحاقِ وَالفَضلات ، نَعَمْ وَمَا أَكثَر مَا تُصْلحُ الجُملَ وَتُتَمِّمُها ، وَلَوْلا مَكَانُها لَوَهنتْ فَلَمْ تستمسك.
أَلاَ تَرَاك لَوْ قُلْتَ : زيدٌ قامتْ هندٌ لَمْ تتمّ الجملة؟ فلو وصلت بِهَا فَضْلَة ما لَتَـمَّـتْ ، وَذَلِك كَأَنْ تَقُول : زيدٌ قَامتْ هندٌ فِي دارهِ أوْ مَعَهُ أو بسببهِ أَو لِتُكرِمَهُ أَوْ
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) الأبيات لِوَدَّاك بن ثُمَيل المازني ويروى (رويدَ بني شيبان) بالإضافةِ وَسَفَوان اسمُ ماء على أميال من البصرة هي اليوم المنطقة الحدودية بين العراق والكويت. ديوان الحماسة : ١ / ٣٢.
(٣) في البيت (فتعرفوا).