فَأكرَمْتهُ أو نحو ذلك ، فَصَحَّتِ المسألةُ لِعَودِ الضميرِ عَلَى المبتدأِ مِنَ الجُمْلَةِ.
وَعَلَيهِ قَوْلُ كُثيِّر فيما أَظُنُّ :
وَإِنْسَانُ عَيْني يَحْسُرُ الماءُ تارةً |
|
فَيبدُو ، وَتَارات يَجُمُّ فَيَغْرَقُ (١) |
فَبِالمَعَطُوفِ عَلَى يَحْسُر الماءُ ما (٢) تَمَّتِ الجملةُ. وفي هَذَا بيانٌ (٣) وقَرَأَ الجماعة : (خَسِرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ) (٤) قَالَ أَبو الفتح : تَكُونُ هَذِهِ الجُمْلَة بدلاً مِنْ قَولِهِ : (انقلبَ عَلَى وجْهِه) (٥) فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وإنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ خَسِرَ الدَّنيَا والآخِرَةَ ومِثْلُه ، من الجُمَلِ التِي تَقَعُ وهْيَ مِنْ فِعْل وفَاعل بَدَلاً مِنْ جَوابِ الشرطِ قَولُهُ تَعَالى : (ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِك يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ) (٦) ، وذَلِك لاَِنَّ مُضَاعَفَةَ العَذَابِ هِيَ لُقِيُّ الأَثَامِ. وعَليهِ قَولُ الآخر :
إِنْ يَجْبُنُـوا أَو يَغْـدُرُوا |
|
أَو يَبْخَلُـوا لاَ يَحْفِـلُـوا |
يَغْدُوا عَلَيـك مُرَجّـلـِـ |
|
ــيـنَ كَأَ نَّهُـمْ لَمْ يَفْعَلُـوا (٧) |
__________________
(١) البيت لذي الرِّمَّة وَلَمْ يَكُنْ أبو الفتح متأكِّداً من نسبته إلى كُثير لِذَلِكَ احترزَ بقولهِ : فيما أظنّ. انظر : ديوان ذي الرِّمَّة : ٣٩٥ والمقرب : ١ / ٨٣ والمغني : ٢ / ٥٠١ والهمع : ١ / ٨٩ والدرر اللوامع : ١ / ٧٤ وشرح الأشموني : ١ / ١٩٦ و ٣ / ٩٦.
(٢) ما : زائدة.
(٣) المحتسب : ١ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٤ ـ ٥) من قوله تعالى من سورة الحجّ : ٢٢ / ١١ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
(٦) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٨ ، ٦٩.
(٧) يروى البيت الأوّل :
إن يغـدروا أو يكذبـوا |
|
أو يختـروا لا يحفِلـوا |
وختر : غدر وخدع. انظر : الكتاب : ١ / ٤٤٦ والحيوان : ٣ / ٤٧٧ والبيان والتبيين : ٣ / ٣٣٣ والانصاف : ٢ / ٣٠٩ وشرح المفصل : ١ / ٣٦ وخزانة الأدب ـ بولاق ـ ٣ / ٦٦٠.