قُلْتَ : تقديره إرَادَتُهُ لِكَذَا ، كَقَولِك قيامُهُ لِكَذَا وجلوسُهُ لكذا ، ثُمَّ وضِعِ الفِعْلُ مَوضِعَ مَصْدَرِه كَمَا أَنْشَدَ أَبُو زَيْد :
فَقالُوا : مَا تَشاءُ؟ فَقُلْتُ : أَلْهُو |
|
إلى الإصباح آثِرَ ذِي أَثِيرِ (١) |
أيْ : اللهو ، فَوضَع (ألْهُو) مَوضِعَ مَصْدَرِهِ. وأَنشدَ أَيْضاً :
وأَهْلَكَنِي لَكُم فِي كُلِّ يوم |
|
تَعَوّجُكُمْ عَلَيَّ وأَسْتَقِيمُ (٢) |
فَيَحْتَمِلُ اللاَّمُ هُنَا الوجْهَينِ اللَّذَينِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُما (٣).
الاسم بمكان المصدر
قَرَأ النَّاسُ : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) (٤) بالباء ، ورُوِيَ عَنْ عليّ (عليه السلام) (لَنَثْويَنَّهُمْ) ، بالثاءِ.
قال أَبو الفتح : نصْبُ الحَسَنَةِ هُنَا ، أيْ : يُحسِنُ إليهم إحساناً ، وَوَضَعَ حَسَنَةً مَوضِعَ إحسان ، كانَّهُ واحدٌ منَ الحَسَن دَالٌ عليهِ ، ودَلّ قولُهُ تعالى : (لَنُبَوئَنَّهُم) عَلَى ذَلِكَ الفعلِ ، لأَ نَّهُ إذَا أَقَرَّهُمْ فِي الأرضِ بإطالةِ مُدّتِهِم ومُدّةِ خَلَفِهِم فقد أَحْسَنَ إلَيْهِم ، كَمَا قَالَ سبحانَهُ : (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (٥) وذَلِك ضِدُّ مَا يعمل بالعاصين الذين
__________________
(١) البيت لعروة بن الورد. وآثر ذي أثير : أيّ أَوَّلُ كلَّ شيء. انظر : الديوان : ٨٩ والأغاني ـ بولاق : ٢ / ١٩٢ والخصائص : ٢ / ٤٣٣ ومجمع البيان : ٢٩ / ١٠٥ وشرح المفصل : ٢ / ٩٥ والهمع : ١ / ٦ والدرر اللوامع : ١ / ٣.
(٢) البيت لعلي بن الطفيل السعدي. انظر : النوادر : ١٦١.
(٣) المحتسب : ٢ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ٤١.
(٥) سورة النور : ٢٤ / ٥٥ ، ذَكَرَ ابن جني القراءة السَّبْعِيَّة أوّلاً ثمَّ جاءَ بالشَّاذَّة المنسوبة إلى