فَقَالَ : أَنَا وأَنْتَ. لا تقول : يقوم أَنَا ، ولا نقعدُ نحنُ ، ولَوْلاَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِرادَةِ النَّفِيِّ لَقَبُحَ الفصلُ ، وأَنْشَدَنَا أَبو عَليّ :
فَاذْهَبْ فَأَيُّ فَتىً فِي الناسِ أَحْرَزَهُ |
|
مِنْ يَومِه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولاَ جَبَلُ (١) |
أَيْ مَا أَحَدٌ أَحْرَزَهُ هَذَا مِنَ المَوتِ ، ونَظائِرهُ كَثِيرة (٢).
أَو بمعنى بَلْ
روى ابنُ مجاهد عن روح عن أَبي السَّـمَّـال : أَنَّهُ قَرَأَ : (أَوْ كُلَّـمـَا عَهِدُوا) (٣) ساكنة الواو.
قَالَ أَبو الفتح : لاَ يجوزُ أَنْ يَكُونَ سكونُ الواو فِي (أَوْ) هذهِ على أَنَّها في الأَصل حرفُ عطف كَقِراءَةِ الكافّةِ (أَوَ كُلَّمَا) من قبل أَنَّ واوَ العطف لم تُسَكَّنْ في موضع علمناهُ ، وإنَّما يُسَكَّنُ بَعْدَها مِمَّا يُخْلَط مَعَهَا فَيَكُونَانِ كالحرفِ الواحدِ ، نَحو قولِ اللهِ تَعَالى : (وَهُوَ اللهُ) (٤) وقوله سبحانه : (وَهُوَ وَلِيَّهُم) (٥) بِسكُونِ الهاءِ ، فِأَمَّا واو العطف فلا تُسَكَّنُ من موضعين :
أَحَدُهُمَا : أَنَّها في أَوَّلِ الكلمِةِ والسَّاكُن لا يُبتدأ بِه.
والآخر : أَنَّها هُنَا وإِنْ اعَتَمَدتْ عَلَى هَمْزَةِ الاستفَهامِ قَبْلَهَا فَإنَّهَا مَفْتُوحَةٌ
__________________
(١) البيت للمتنخل الهُذَلي يرثي ابنه أُثَيْلَة. ويُروَى (حتفه) مكان (يومه) و (حيل) مكان (جَبل). ديوان الهذليين : ٢ / ٣٥ ، ومعاني القرآن للفرّاء : ١ / ١٦٤ والخصائص : ٢ / ٤٣٣ وأمالي الشجري : ١ / ٧٧ و ٢ / ٣٢ والمغني : ٢ / ٣٥٥.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٥.
(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٩٩ ـ ١٠٠ : (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَات بَيِّنـَات وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ * أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).
(٤) سورة الأنعام : ٦ / ٣.
(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٧.