وَقَرَأَ : (مَا تكُونُ مِنْ نَجوَى ثَلاثَة) (١) بالتَّاءِ ـ أَبو جعفر وأَبو حَيَّة.
قالَ أَبو الفتح : التذكير الذي عليه العامَّةُ هو الوجهُ (٢) ، لِمَا هُنَاك من الشّياع وعمومِ الجِنسِيَّةِ ، كقولِك : ما جاءنِي من امرأَة ، وما حضرني من جارية.
وأَمَّا (تكُونُ) بالتَّاء فلاعتزام لفظ التأنيثِ ، حتَّى كَأَ نَّهُ قالَ : ما تكون من نجوى ثلاثة ، كما تقول : ما قامتِ امرأَةٌ ، ولا حَضَرَتْ جَاريةٌ ، وَمَا تَكُونُ نَجْوَى ثلاثة (٣).
ج ـ تَأَنِيث الفعل وفاعله جمع تكسير
قَرَأ أُبَيُّ بن كعب والأَعرج والحسَن : (إِمَّا تَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (٤) بالتَّاءِ.
قال أَبو الفتح : في هذه القراءة بعضُ الصَّنعة ، وذلك لقولِهِ فيما يليه : (يَقُصُّونَ عَلَيْكُم آيَاتِي) فالأَشبَهُ بتذكيرِ (يَقُصُّونَ) التذكير بالياء في قراءة الجماعة (يَأَتِيَنَّكُمْ) فَتَقُول على هذا قامتِ الزيودُ ، وقامَ الزيدون ، وَتُذَكِّر
لفظَ قامَ لِتَذْكِيرِ (الزيدون) وتؤنّث لفظ قامتْ لأَنَّ الزيودُ مُكَسَّرٌ
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة المجادلة : ٥٨ / ٧ : (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ). البحر المحيط : ٨ / ٢٣٤.
(٢) الظاهر هنا أَنَّ الوجهَ التأنيثُ لا التَّذكيرُ كما ذهبَ إليهِ أبو الفتح لاِنَّ (مِنْ) زائدةٌ فالفعل مسندٌ إِلى مؤنّث. قالَ تعالى : (وَمَا تَأْتِيْهِمْ مِنْ آيَة) سورة الأنعام : ٦ / ٤ وسورة يس : ٣٦ / ٤٦ و (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا) سورة الحجر : ١٥ / ٥ وسورة المؤمنون : ٢٣ / ٤٣. البحر المحيط : ٨ / ٢٣٥.
(٣) المحتسب : ٢ / ٣١٥.
(٤) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٣٥ : (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي).