على ما مضى (١).
وَقَرَأَ الحسن وأبو رَجاء وقتادة وعَمرُو بن ميمون والسُّلَمِي ومالك بن دينار والأعمش وابنُ أَبي إسحاق واختلف عن الكل (٢) إلاَّ أَبَا رَجاء ومالك بن دينار : (لا تُرَى) بالتَّاءِ مضمومةً ، (إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ) (٣) بالرَّفع.
قال أَبو الفتح : أَمَّا (تُرَى) بالتَّاء ورفع المساكن فضعيفٌ في العربية (٤) والشعر أَوْلَى بِجَوازِهِ من القرآن ، وذلك أَنَّهُ مِنْ مواضِعِ العُمُومِ في التذكير ، فَكَأَ نَّهُ في المعنى لا يُرَى شيءٌ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ، وإذا كَانَ المعنى هذا كان التَّذكِيرُ لإرادتِهِ هو الكلام.
فأمَّا (تُرَى) فَإنَّه في معاملةِ الظاهر والمساكن مُؤَنَّثَة ، فأ نَّثَ على ذلك. وإنَّمَا الصواب ما ضُرِبَ إلاَّ هندٌ ولسنا نُريدُ بقولِنَا إِنَّه على إِضمار أحد وإِن هنداً بدلٌ من أَحد المقدَّرِ هنا ، وإنَّما نُريدُ أَنَّ المعنى هذا ، فَلِذَلِك قَدَّمْنَا أمْرَ التَّذْكِير. وعلى التأنيث قالَ ذو الرمّة :
بَرَى النَّحْزُ وَالأَجْرَالُ مَا فِي غُرُوضِها |
|
وما بقيت إلاّ الصُّدُورُ الجَرَاشِعُ (٥) |
وهو ضعيف على ما مضى (٦).
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.
(٢) انظر : ص : ٢١٧.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٥ : (فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).
(٤) قال العُكبري : هو ضعيف ، وقال أبو حيَّان : هذا لا يجيزه أصحابُنا إلاّ في الشِّعرِ وبعضُهُم يجيزُهُ في الكلام. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٣٤ والبحر المحيط : ٨ / ٦٥.
(٥) تقدّم الشاهد في : ص : ٢١٧.
(٦) المحتسب : ٢ / ٢٢٦.