أَبو الفتح : (الحَقُّ) هُنا وصفٌ للهِ سبحانهُ ، أَيْ : يَومئذ يوفّيهم اللهُ الحقُّ دِينَهُمُ وجَازَ وصْفُهُ تَعالى بالحقّ لِمَا في ذَلِك مِنَ المبالغةِ ، حَتَّى كَأَ نَّهُ يجعلهُ هو هو عَلَى المبَالَغَةِ فَهْو كَقَولِنَا رَجُلٌ خَصمٌ وقَومٌ زُورٌ وقَولُهُ :
...... |
|
فَهْمٌ رِضـاً وهُـمُ عَـدْلُ (١) |
وعليهِ قولهُ تَعَالَى : (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ) (٢) (٣).
وصف الصفة
قَرَأَ (فِي يَوم ذَا مَسْغَبَة) (٤) الحَسنُ وأَبو رجاء.
قَالَ أَبو الفتح : هو منصوبٌ ، ويَحتَمِلُ نَصبُهُ أَمرين : أَظهَرُهُما أَنْ يكونَ مفعولَ (إطْعَام) ، أَيْ : وأَن تطعموا ذا مَسْغَبة ، (ويَتِيْماً) بدلٌ منهُ ، كَقَولِكَ : رَأَيتُ كَرِيماً رَجُلاً. ويجوزُ أنْ يكونَ يتيماً وصفاً لِـ (ذَا مَسْغَبَة) ، كَقَولِكَ : رَأَيْتُ كِريماً عَاقِلاً ، وجَازَ وصْفُ الصِّفَةِ الّذي هو كريمٌ ، لاَِ نَّهُ لَـمـّا لَمْ يَجْرِ على موصوف أَشبَهَ الاسمَ كقولِ الأعشَى :
وبَيـداءَ تَحسِبُ آرامَـها |
|
رَجَـالَ إيـاد بَأَجيْـادِهَـا (٥) |
فقولُهُ (تحسِبُ) صِفَة لبيداء ، وإنْ كَانَتْ في الأصلِ صِفَةً. وكَذَلِك
__________________
(١) من قول زهير في مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف والبيت بتمامه :
مَتَى يشتجرْ قومٌ يَقلْ سَرَواتُهم |
|
هُمُ بَيْنَنَا فَهُمْ رضاً وهُمُ عَدْلُ |
سرواتُهم : جمع سراة وسراة جمع سرى. وهم بَيننا : أي هم الحاكمون بيننا ، كما تقول : الله بيني وبينك. الديوان : ١٠٧ والخصائص : ٢ / ٢٠٢.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٦٢.
(٣) المحتسب : ٢ / ١٠٧.
(٤) من قوله تعالى من سورة البلد : ٩٠ / ١٤ : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة).
(٥) ويروى (بأجلادها) مكان (بأجيادها). انظر : الديوان : ٥٣.