النكرة والمعرفة
١ ـ الفرق بين النكرة والمعرفة
قرأ حِطَّانُ بن عبد الله : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ رُسُلٌ) (١) وكذلك هي في مصحف ابن مسعود.
قال أبو الفتح : هذه القراءةُ حسنة في معناها ، وذلِك أَنَّهُ موضع اقتصاد بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وإعلام أَنَّهُ لا يلزم ذمّتَه مِمَنْ يُخالفه تبعةٌ ، لقولِهِ تعالى : (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (٢) ، فلما كان موضع اقتصاد به وفك لِيَد الذمِّ عن ذمّته ، وكان مَنْ مَضَى مِنَ الأنبياءِ عليهم السّلام في هذا المعنى مثله ، لاقَ بالحالِ تنكير ذكرهم بقوله : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلٌ) (٣). وذلك أَنَّ التنكيرَ ضَربٌ مِنَ الكف والتصغير ، كما أَنَّ التعريفَ ضَربٌ مِنَ الإعلام والتشريفِ ، أَلا تَرى إلى قَوْلِهِ :
فَمَنْ أَنتُمُ إنَّا نَسِينَا مَنْ انتُمُ |
|
وَرِيُحكُم مِنْ أَيِّ ريحِ الأَعاصِرِ (٤) |
__________________
(١ و ٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٤. وهي قراءة ابن عباس. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٥١. وقرأ الجمهور : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الرسل بالتعريف كما في المصحف. انظر : المحتسب : ١ / ١٦٨.
(٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ١٨.
(٤) البيت لزياد الأعجم. انظر : الخصائص : ٣ / ٨٩ و ١٦٧ وهمع الهوامع : ١ / ١٥٥ والدرر اللوامع : ١ / ١٣٧ وحاشية ياسين : ١ / ٢٥٣.