٣ ـ (إنْ) التي بِمَعْنَى (ما) وعملها
قَرَأَ سعيد بنُ جُبَيْر : (إِنِ الَّذِينَ تَدعونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادَا) (١) نصبٌ (أمثالَكُمْ) نَصْبٌ (٢).
قَالَ أَبو الفتح : يَنْبَغِي ـ واللهُ أَعلمْ ـ أَنْ تَكُونَ إنْ هذه بمنزلِة مَا (٣) فَكَأَ نَّهُ قال : مَا الذين تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِباداً أَمثالكم. فأعمَلَ إنْ إعمَالَ (ما) (٤) وفيه ضعفٌ ، لأَنَّ (إِنْ) هذِه لَمْ تختصْ بنفي الحاضر اختصاصَ (ما) بِهِ فتجري مجرى ليسَ فِي العَمَل.
ويكون المعنى : إِنْ هؤلاءِ الذينَ تَدْعُونَ مِنْ دون الله إِنَّما هِيَ حِجَارَةٌ أَوْ خَشَبٌ فهم أَقلُّ مِنْكُم لأَ نَّكم أَنتم عُقلاءٌ ومخاطَبُونَ فكيفَ تعبدونَ ما هو دُوَنَكُمْ؟ فَإِن قُلْتَ : ما تصنع بقراءة الجماعة : (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عبادٌ أَمْثَالُكُمْ) (٥)؟ فَكَيفَ يُثبِتُ في هذِه ما نَفَاهُ في هذه؟ قِيلَ : يكونُ تقديرهُ أَنَّهُم مخلوقون كما أَنتم أَيُّها العبادُ مخلوقون فسماهم عباداً على تشبيهِهِم في
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٩٤ : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ).
(٢) قال النحاس : «هذه قراءة لا ينبغي أن يقرأ بها لثلاث جهات» وقد ردّ قوله أبو حيان. انظر : البحر المحيط : ٤ / ٤٤٤.
(٣) يريد (ما) الحجازية التي تعمل عمل ليس فترفع المبتدأَ وتنصب الخبر.
(٤) في هذا خلاف. فقد منعه أَكثر البصريين وأَجازَهُ الكِسائي وأَكثر الكوفيين وابن السراج والفارسي واختلف النقل عن سيبويه والمبرد. انظر : الجنى الداني : ٢٢٩ والبحر المحيط : ٤٣ / ٤٤٤ ، وقال العُكبري : (إِن) بمعنى (ما) لا تعمل عند سيبويه وتعمل عند المبرد. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٩١.
(٥) سورة الأَعراف : ٧ / ١٩٤.