أَنْ يُسَكَّنْ آخِرُهَا لاَِ نَّهُ لَمْ يَلْتَقِ فِيهْا سَاكِنَانِ فتحرك ، لَكِنّهُمْ بِقَّوا الحركَة مَعَ التخفيفِ أَمَارةً ودلالةً عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ مُثقلة مَفْتُوحةً.
كَمَا قَالَ : لاَ أَكلّمُكَ حِيْريْ دَهْر (١) ، فَأسكنَ الياءَ في موضع النَّصبِ في غير ضرورة شعر ، لاَِ نَّهُ أَرَادَ التَّشديدَ فِي حِيريَّ دَهر ، فَكَمَا أَنَّهُ لَو أَدْغَمَ الياءَ الأَولى فِي الثَّانِيةِ لَمْ تَكُنْ إِلاّ سَاكِنَةً فَكَذَلِك إذَا حَذَفَ الثانية تخفيفاً أَقَرَّ الأولى عَلَى سكونها دلالة وتنبيها عَلى إرادَة الإدْغَامِ الَّذي لاَبُدّ مَعَهُ مِنْ سكونِ الأُولَى (٢).
٧ ـ ما كان على وزن فَعَالِ
مساسِ
قَرَأَ أَبو حَيْوَةَ : (لاَ مَسَاسِ) (٣) قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا قِراءَةُ الجماعةِ : (لاَ مِسَاسِ) فَوَاضِحَةٌ لاَِ نَّهُ المماسَّة : مَاسَسْتُهُ مِسَاساً كَضَارَبْتُهُ ضِرَاباً ، لَكِنَّ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : (لاَ مَسَاسِ) نظراً ، وذَلِكَ انَّ (مَسَاسِ) هَذِهِ كَنَزَالِ ودَرَاكِ وحَذَارِ ، ولَيْسَ هَذَا الضربُ مِنَ الكلامِ ـ أَعْنِي ما سُمِّي بِهِ الفِعْلُ ـ مِمَّا تَدْخُلُ (لا) النافيةُ للنكرةِ عَلَيْهِ ، نَحْو لاَ رَجُلَ عِنْدَك ولاَ غُلاَمَ لَك ، فـَ (لاَ) إذا فِي
__________________
(١) قالَ ابنُ الأَعرابيَ ، حِيْريْ الدَّهْرِ أيْ : طولَ الدَّهْرِ. وقَالَ أَبو الحَسَنِ الحِيْرِيُّ الدَّهرُ كُلَّهُ. وحَيْري تُروى بفتح الحاء وتشديد الياء الثانية وفتحها حَيْريَّ. وقال ابن الأَثير : ويروى حيريْ بياء ساكنة. وحيريَ دهر بياء مخفّفة. انظر : لسان العرب : ٥ / ٣٠٧ وتاج العروس ـ ط ـ الكويت ١١ / ١١٧.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٨.
(٣) من قوله تعالى من سورة طه : ٢٠ / ٩٧ : (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَك فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَك مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ).