وقرأَ : (أنْ لَعْنَةُ اللهِ) رفعٌ وَخفّف النون ، و (أنَّ غَضَبَ اللهِ) نصبٌ يعقوب.
قال أبو الفتح : أما مَنْ خفَّفَ ورفعَ فإنَّها عِنْدَهُ مُخَفَّفَةٌ من الثقيلة (١) وفيها إضمارٌ محذوف للتخفيف ، أَي : أَنَّهُ لعنةُ اللهِ عليهِ وأَ نَّهُ غضبُ اللهِ عليها.
فلمّا خفّفت اضمر اسمها وحذف ، ولم يكنْ من إضمارِهِ بُدٌّ (٢) ، لأنَّ المفتوحَةَ إذا خُفِّفَتْ لم تصرْ بالتخفيفِ حرفَ ابتداءِ إنَّمَا تلك (إِنِ) المكسورةُ ، وعليه قول الشاعر :
في فتية كَسيوفِ الهندِ قَدْ عَلِمُوا |
|
أنْ هَالِك كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ (٣) |
أَي أنَّهُ هَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحفى وينتعل.
وسبب ذلك أنّ اتصال المكسورة باسمها وخبرها اتصال بالمعمول فيه واتصال المفتوحة باسمها وخبرها اتصالان :
أحدهما : اتصال العامل بالمعمول.
والآخر : اتصال الصلة بالموصول. أَلا تَرى أنَّ ما بعدَ المفتوحةِ صلةٌ لَهَا؟ فلمَّا قَوِيَ مَعَ الفتحِ اتصال أنْ بِمَا بَعْدَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بدٌّ مِن اسم مقدر محذوف تعمل فيه ، ولمَّا ضعفَ اتصالُ المكسورة بما بعدها جاز إِذا خُفِّفَتْ أنْ تفارق العمل وخلُص حرفَ ابتداء (٤).
ب ـ لكنّ
روى عبد الوهاب عن أَبي عمرو : (وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ) (٥). نصبٌ.
__________________
(١) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٥٤ والبحر المحيط : ٦ / ٤٣٤.
(٢) انظر : ص : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، والجنى الداني : ٢٣٦.
(٣) تقدّم الشاهد في : ص : ١٨٣.
(٤) المحتسب : ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٥) من قوله تعالى من سورة الأَحزاب : ٣٣ / ٤٠ : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ