أسباب تأثير أبي عليّ الفارسي في ابن جنّي
لقد ترك الشيخُ في تلميذِهِ أثراً واضحاً بلْ انَّ التلميذَ صارَ صورةً منقحةً من شيخِهِ بعدَ الصحبةِ الطويلةِ لَقَدْ أَحبَّ التلميذُ الشيخَ ، كحُبِّ الشيخِ للتلميذِ ، ومن مظاهر هذا الحب المتبادل :
١ ـ إنهما لم يفترقا طوال مدّة أربعين سنة (١) ، ولولا المودّةُ بينَهما لَمَا دامت هذه الصُّحبةُ كُلَّ هذه المدّة ، ولصرفَ أبو علي أبا عثمان بن جني كما صرفَ تلميذَهُ الآخرَ علي بن عيسى الربعي (٢) (ت / ٤٢٠ هـ) بعد أنْ لازمَهُ عشر سنين (٣).
٢ ـ إِنَّهُمَا من مدرسة نحوية واحدة هي مدرسة البصرة (٤).
قال ابن جنّي : «مذهب أصحابنا في كلّ شيء من هذا النحو مِمَّا فيه حرفٌ حلقيٌّ ساكنٌ بعد حرف مفتوح : أنّه لا يُحرَّك إلاَّ على أَنَّه لغةٌ فيهِ ....
__________________
(١) سرّ صناعة الإعراب : ١ / ٣٤.
(٢) هو علي بن عيسى بن الفرج الربعي أَحدُ أَئمّة النحو وحُذَّاقِهِ ، أَخذَ عن السيرافي ورحل إلى شيرازَ ولازمَ أبا علي الفارسي عشرَ سنينَ حتَّى قالَ له ما بقي شيءٌ تَحتَاجُ إليه .. انظر : معجم الأُدباء : ١٤ / ٧٨ وإنباه الرواة : ٢ / ٢٩٧ وبغية الوعاة : ٣ / ٤٤.
(٣) بغية الوعاة : ٣ / ٤٤.
(٤) الفهرست : ٦٤ وطبقات النحويين : ١٢٠ والخصائص : ١ / ٤٤ وسرّ صناعة الإعراب : ١ / ٣٤ والمحتسب : ٢ / ٢٣٨.