الاستثناءَ المُنقطع فاش في القرآنِ وغيره ، إلاَّ أَنَّهُ ـ مَعَ ذَلِك ـ محوج إلى التأويل وإعمَالِ القياسِ والَتمَحُّلِ (١).
إِلاَّ
إنَّ إلاَّ إذَا بَاشَرَتْ شَيئاً بَعْدَها فَإِنَّمَا جِيءَ بهِ لِتَثبِيتِهِ وَتَوكِيد معنَاهُ وَذَلِك كَقُولِك : مَا كَانَ زيدٌ إلاَّ قائماً ، فزيد غير محتاج إلى تَثبِيتهِ ، وإنَّما يُثبَّتْ لَهُ القيامُ دُونَ غَيرِهِ.
فَإذَا قُلْتَ ما كانَ قَائِماً إلاَّ زَيْدٌ ، فَهُنَاك قيام لاَ محالةَ ، وَإنَّمَا أَنْتَ ناف أَنْ يَكُونَ صَاحبه غير زيد ، فَعَلى هذا جاءَ قَولُهُ :
...... ما كان داءَهَا |
|
بِثَهلانَ إلاّ الخِزْيُ ...... (٢) |
بِرَفْعِ الخزي ، وَذَلِك أَنَّهُ قَدْ شَاعَ وَتُعُولِمَ أَنَّ هناك داءٌ ، وإنَّمَا أَرادَ أَنْ يُثبِّتَ أَنَّ هَذَا الداءَ الَّذِي لاَ شَكَّ فِي كَونِهِ وَوُقُوعِهِ لَم يَكُنْ جَانِيهُ وَمُسَبِّبُهُ إلاَّ الخزيُ مِمَّنْ يقودُها ، فهذا أَمرُ الإعرابِ فيهِ تَابعٌ لِمَعْنَاهُ ، وَمَحْذُوٌ عَلَى الغَرَضِ المُرادِ فِيهِ (٣).
الحـــــال
قَرَأَ ابنُ عباس ، وعِكرمة والضَّحَّاك : (الْفُرْقَانَ ضِيَاءً) (٤) بغيرِ وَاو.
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ١٣٦.
(٢) مرّ الشاهد في : ص : ١٦٤.
(٣) ذكرنا هذا سابقاً في ص : ١٦٤ وينظر : المحتسب : ٢ / ١١٦.
(٤) من قوله تعالى من سورة الأَنبياء : ٢١ / ٤٨ : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ).