قَالَ أَبوُ الفتحِ : ينبغي أَنْ يَكونَ (ضِيَاءً) ، هُنَا حَالاً (١) ، كَقَولِك : دَفَعتُ إلَيك زيداً مُجَمِّلاً لَك وَمسدِّداً مِن أَمرِك ، وَأَصحَبتُك القُرآنَ دَافِعاً عَنْكَ مُؤنِساً لَك.
فَأَمَّا فِي قراءَةَ الجماعةِ : (وَضِياءً) بالواو ، فإِنَّهُ عَطْفٌ عَلى (الْفُرْقَانَ) فهو مفعول بهِ على ذَلِك (٢) وأَمَا (مَدَداً) (٣) فَمنصوب على الحالِ (٤) ، كَقَولِك : جئتُك بزيد عوناً لَك ويداً مَعَك ، وإنْ شِئتَ نَصَبْتَهُ على المصدرِ بِفِعْل مُضْمَر يَدُلُّ عَلَيْهِقَوْلُهُ : (جِئنَا بِمِثْلهِ) كَأَ نَّهُ قَالَ : وَلَو أَمدَدْنَاهُ إمداداً ثمَّ وضع مدداً موضِعَ إمدَاداً ، ولهذا نظائرُ كَثِيرِةٌ (٥).
وَقَرأ عيسى الثقفي : (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سلاماً قَولاً) (٦) نَصْباً جَمْيعاً.
قال أبو الفتح : أمَّا سَلاماً بالنَّصبِ فحالٌ مِمَّا قبلَهُ (٧) ، أي : ذلك لَهُمْ مُسَلَّماً أو مُسَالِماً ، أي : ذا سلام وسلامة. ونصب قولاً على المصدر (٨).
__________________
(١) قال الفرّاء : ومعَناهُ : آتينا موسى وهارون الفرقان ضياءً وذكراً. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٠٥ وإملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٣٤.
(٢) المحتسب : ٢ / ٦٤.
(٣) من قوله تعالى من سورة الكهف : ١٨ / ١٠٩ : (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً).
(٤) هو عند العكبري وأَبي حيان منصوبٌ على التمييز. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ١٠٩ والبحر المحيط : ٦ / ١٦٩.
(٥) المحتسب : ٢ / ٣٥.
(٦) سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيـم).
(٧) يجوز أنْ يَكونَ حالاً من (ما) أَوْ مِن الهاءِ المحذوفةِ. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٠٤.
(٨) المحتسب : ٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥.