قَوْلِهِ تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الاِْنسَانَ مِنْ عَلَق) (١) ، وقوله عزّ اسمه : (خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ) (٢) ، وَقَوْلَهُ : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) (٣) ونظائرهُ كَثيِرةٌ.
فكذلك قوله : (فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ) (٤) على ما شرحناهُ مِن حالهِ ، وهذا أحَدُ ما يدلُّك على أنَّ إسنَادِ الفعلِ إِلى المفعولِ نحو ضُرِبَ زيدٌ لَمْ يَكُنْ لِجَهْلِ المتكلّم بِالفاعلِ مَنْ هُوَ؟ البتة ، لكن قَدْ يُسنَدُ إِلى المفعولِ ، ويطرح ذكر الفاعل لاَِنَّ الغرضَ إنَّما هُوَ الإعلامُ بوقوعِ الضربِ بزيد ، وَلا غرض معه في إبَانَةِ الفاعلِ مَنْ هُوَ؟ فاعرفه (٥).
٣ ـ يُترك ذكُر الفاعلِ لتجنّبِ التكرار
قَرَأَ الحسن (٦) : (لاَ يُقْضَى عَلَيْهِم فَيَمُوتُونَ) (٧) وَكَذَلِك الثقفيّ.
قالَ أبو الفتح : (يَمُوتُونَ) عَطفٌ على (يُقْضَى) أَي :
لا يُقْضَى عَلَيْهِم وَلاَ يَمُوتُونَ ، والمفعول محذوفٌ (٨) ، أَي :
__________________
(١) سورة العلق : ٩٦ / ١ ـ ٢.
(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٣ ـ ٤.
(٣) سورة ق : ٥٠ / ١٦.
(٤) سورة الصافّات : ٣٧ / ١٧٧.
(٥) المحتسب : ٢ / ٢٢٩.
(٦) قال ابن عطية : وهي قراءة رديئة. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣١٦.
(٧) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٣٦ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا).
(٨) لا أجد هنا حذف مفعول ، والأولى أنْ يقولَ : والفاعل لم يذكر. لأن (يُقْضَى) ـ كما ترى ـ مبني للمفعول.