ابنُ جنِّي يُدَرِّسُ مَسْأَ لةَ قلبِ الواوِ ألِفاً في نحو قالَ وقامَ فَمَرَّ بهِ شيخٌ وَسَمِعَ حديثَهُ ثمّ اعترضَ عليهِ فَقَصَّرَ ابنُ جنِّي في الجوابِ فقالَ له الشيخُ (تزببْتَ وأَنْتَ حصرم) (١) ، ويبدو أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ الشيخِ عِلْماً غزيراً ، وهو يحاورُهُ ، فسألَ عنهُ ، فقيلَ لَهُ : هذا أَبو عليّ الفارسي (٢) فلَزِمَهُ ، وصاحَبَهُ إلى أنْ ماتَ أَبو علي (٣) ، وقالوا : إنَّ مدّةَ هذهِ الصحبة أربعَونَ سنة (٤) لم يفترقا بعدها إلاَّ بموتِ أبي علي (٥).
أثر أبي علي الفارسي في ابن جنّي
تأثَّرَ ابنُ جِنِّي باُستاذِهِ أبي عليّ الفارسي في كثير من الأُمور ، في الفِكرِ (٦) وفي المذهبِ النحوي (٧) وفي القراءات أَيضاً.
فقد كان احتجاج ابن جِنِّي للقراءات الشاذَّة بوحيّ من شيخِهِ وتوجيهه. فإنَّ الشيخَ الفارسي بعد أنْ أَلَّفَ الحُجَّةَ في عِللِ القراءاتِ السَّبعِ فكر أنْ يؤلِّفَ
__________________
وقد رجَّحنا ذلك ولم نأخذ بقول من قال إِنَّ هذا الحادث كان (عام / ٣٤١ هـ) لأسباب منها أنَّ الرواة تروي أنَّ ابنَ جِنِّي صاحبَ أبا علي أربعين سنة وأَنَّ أبا علي توفي (سنة / ٣٧٧ هـ). وأَنَّ معز الدولة غزا الموصل (عام / ٣٣٧ هـ) ويُحتَمَلُ أنْ يكونَ أبو علي بصحبتِهِ لأنّه يلازمُهُ. انظر : الكامل : ٦ / ٣٢٩ وأبو علي الفارسي : ٣٢٧.
(١) نزهة الألباء : ٢٤٥.
(٢) نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١.
(٣) انظر : نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١ ، وبغية الوعاة : ٣٢٢.
(٤) نزهة الألباء : ٢٤٥ ، ومعجم الأُدباء : ١٢ / ٩١ ، وبغية الوعاة : ٣٢٢.
(٥) سرّ صناعة الإعراب : ٣٤.
(٦) المزهر : ١ / ١٠ والأشباه والنظائر : ١ / ٣٠٣.
(٧) الخصائص : ١ / ٤٤ وطبقات النحويين : ١٢٠ وسرّ صناعة الإعراب : ٣٤ والمسائل الشيرازيات : ١٩١ وأبو علي الفارسي : ١٧٥.