حذف اللاّم من (فَعَل) المعتل الآخر تخفيفاً
قَرَأَ الحَسَنُ فيَِما رَواهُ عَنْهُ قَتادَة : (تَعَالُوا) (١) بضمّ اللاّم.
قَالَ أَبو الفتح : وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَذَفَ اللاَّمَ مِنْ تَعَالَيْتَ استحساناً وَتَخْفِيفاً ، فَلَمَّا زَالَتِ اللاَّمُ مِنْ (تَعَالَى) ضُمَّت لامُ تَعَال لِوقُوُعِ واوِ الجمعِ بعدَهَا كقولِكَ تَقدَّمُوا وتأخَّرُوا ، ونظير ذلك في حذفِ اللاّم اسْتِخْفَافاً قولهم ، ما باليتُ بالةً وأَصلها باليَة كالعافية والعاقبة ثمَّ حُذِفَتِ اللاّمُ كَمَا تَرى ... وَلَو كانَتْ إنَّمَا حُذِفَتْ لاَمُ (تَعَالُوا) لالتقاءِ الساكِنَينَ كَمَا حُذِفَتْ لِذَلِكَ فِي قَوْلِكَ للجماعة آمِراً : تَرَامَوا وَتَغَازَوا لَبَقِيتْ العين مفتوحةً دلالةً على الألفِ المحذوفةِ ، وكنحو قولِكَ : اخشَوا واسعَوا إذَا أَمَرْتَ الجماعة.
وَنَظيرُ حَذْفِ اللاّمِ استحساناً فِي هَذِهِ القراءَةِ قراءَة الحسن أَيضاً : (إِلاَّ مَنْ هُوَ صالُ الجَحِيم) (٢).
حَدَّثَنا بِذَلِكَ أَبُو عَليّ ، وَذَهَبَ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَذفِ اللاَّمِ استخفَافاً وَإلَى أنَّه يَجوزُ أنْ يَكُونَ أرادَ إلاَّ مَنْ هُو صَالُونَ الجحيمَ فحذفَ النُّونَ للإضَافَةِ وحذفَ الواوَ التي هي علم الجمع لفظاً لالتقاءِ الساكنين ، واستعمَل لفظَ الجَمْعِ حَمْلاً عَلَى المَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ، كَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (٣) وَلَه نظائرُ ، إلاّ أنَّ الظَاهِرَ ما ذَهَب إِليهِ
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٦١ : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنـكَ صُـدُوداً).
(٢) من قوله تعالى من سورة الصافّات : ٣٧ / ١٦٣ : (إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ).
(٣) سورة يونس : ١٠ / ٤٢.