القرآني كما سمعوه منه ، إلاّ أنّ سذاجة بعضهم حالت دون ذلك ، فتعدّدت قراءاتهم واختلفوا فيها أيّما اختلاف! وتمّ تداولها في زمن أبي بكر وعمر على أنّها قراءات صحيحة منسوبة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)! حتّى إذا ما وصل الأمر إلى عثمان خشي الصحابة وضجّوا من خطورة تلك القراءات التي أخذ بعض أصحابها يكفّر من خالفه ، أو يسخر من قراءته ويستهجنها ، أو يغلّطه عليها ، وينفّر الناس عمّا خالف قراءته كما شهد بذلك حذيفة وغيره من الصحابة الذين أوقفوا عثمانَ على كلّ هذا وطالبوه بأن يجمع الأُمّة على مصحف واحد وقراءة واحدة ، وآزروه على ذلك ، ولم يعترض أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) على ذلك بل أمضاه. وقد تمّ الأمر على ما أرادوا ، وأُحرقت المصاحف القديمة! وأُرسلت نسخ المصحف الموحّد المسمّى بالمصحف الإمام أو المصحف العثماني إلى الأمصار الإسلاميّة. والسؤال هنا هل سلمت المصاحف العثمانيّة من تعدّد القراءات واختلافها؟ لا شكّ أنّ أهل تلك الأمصار كانوا يقرأون القرآن بالقراءات السابقة قبل وصول المصاحف العثمانيّة إليهم بنحو ثلاثين سنة ، ومن الصعب تغيير قناعاتهم وتبديل قراءاتهم الشائعة في زمان أبي بكر وعمر ، وحملهم على قراءة واحدة في زمن عثمان ، خصوصاً وأنّ المصحف الموحّد لم يكن منقّطاً ولا مشكولاً ولم تكن هناك ثمة تسجيلات صوتيّة بقراءة المصاحف العثمانيّة حتّى يجتمعوا عليها ، ممّا أدّى ذلك إلى بقاء مشكلة الاختلاف في القراءة على حالها حتّى اشتدّت حاجتهم إلى إعجام المصاحف ، ولم تقم بهذا العمل لجنة علميّة رسميّة ، بل تُرك الأمر للقادرين عليه في شتّى بلاد الإسلام! ومن هنا زاد اختلافهم في قراءته. لقد أدّت ظاهرة اختلاف القراءات إلى الاختلاف في تفسير الكتاب العزيز ، حيث وصل الأمر بها إلى مستوى التغيير في معنى اللفظ ومؤدّاه ، ونجم عن بعضه اختلافهم في الحكم الشرعي المستنبط من القرآن الكريم على ضوء تلك القراءات كما في آية الوضوء والإيلاء وغيرهما. ومع كلّ هذا الاختلاف والتضادّ في القراءات وُجد من يدّعي تواتر القراءات السبع أو العشر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)! ولم يلتفت إلى أنّ اختلافها الواصل إلى درجة التباين أحياناً دليل قاطع على