وسَعْدَيْك ، فليس المراد هنا إجابتين ثنتين ولا إسعادين اثنين ألا ترى أَن الخليل فسره فقال : معناه كلما كنت في أمر فدعوتني له أجبتك إليه ساعدتك عليه. فقوله : كلّما يؤيد ما نحن عليه ومنه قولهم :
فَلَوْ كُنْتَ مَوْلَى العزّ أَوْ فِي ظِلاَلِهِ |
|
ظَلَمتَ ولكنْ لاَ يَدَى لَك بالظُلْمِ (١) |
ألا تَراهُ لاَ يَنْفِي قوتين ثنتين وإنَّما يَنْفِي جَميَعَ قُواهُ؟ وكذلِك قولُ اللهِ تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (٢) ، وَنِعَمُ اللهِ تَعالى أكْثَرُ مِنْ أنْ تحصى ، وكذلك قوله :
إذَا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بِالبُرْدِ مِثْلُهُ |
|
دَوَالَيْك حَتَّى لَيْسَ لِلْبُردِ لاَبِسُ (٣) |
أَيْ : مداولة بعد مداولة ، وَكَقُولِ العَجَّاجِ :
ضَرْبَا هَذَا ذَيك وَطَعْنَا وَخَضَا (٤)
أَيْ هَذَّا بعدَ هذّ ، لا هَذَّين اثنين ليسَ غيرُ ، ونظائِرُهُ كثيرةٌ ، وأمَّا إفادةُ المضافِ لِمَعنى الجنسيَّةِ ، فقولُهُم : منعتِ العراقُ قَفِيزَها (٥) ودرهمها ، أي
__________________
(١) البيت للفرزدق. انظر : ديوانه : ٨٢٥ والمحتسب : ٢ / ٢٧٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٦٤ : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ).
(٣) البيت لسحيم عبد بني الحسحاس. انظر : الديوان : ١٦ والكتاب : ١ / ١٧٥ والخزانة : ٢ / ١٠٠ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٥٢.
(٤) من أرجوزة في مدح الحجَّاج. انظر : الديوان : ٣٥ والكتاب : ١ / ١٧٥ والخزانة ٢ / ١٠٦ وشرح الشواهد للعيني : ٢ / ٢٥٢.
(٥) القفيز : مكيال كان يكال به قديماً ويختلف مقدارُهُ في البلاد ويعادل بالتقدير العراقي والمصري الحديث نحو ستة عشر كيلو غراماً. وقال في اللسان : هو مكيال لأهل العراق وجمعه أقفزة وقفزان. انظر : اللسان : ٧ / ٢٦٢ والمعجم الوسيط : ٥ / ٧٥٠.