(عليهم السلام) : (والشَّمْسُ تَجرِي لامُستقرَّ لَهَا) (١) بنصب الراء. (٢)
قال أَبو الفتح : ظاهرُ هذا الموضع ظاهرُ العموم ومعناهُ معنى الخصوصِ وذلك أنَّ (لا) هذه النافية الناصبة للنكرة لا تدخل إِلاَّ نفياً عاماً وذلك أَنَّها جوابُ سؤال عام ، فقولُك لا رجلَ عندك جوابُ هل من رجل عندك؟ فكما أَنَّ قولَك : هل من رجل عِندَك سؤال عامٌّ. أَي : هل عندك قليلٌ أو كثيرٌ من هذا الجنس الذي يقال لواحده رجل؟ فكذلك ظاهرُ قولِهِ : (لا مستقر لها) نفي أنْ تستقرَّ أبداً ، ونحن نعلمُ أَنَّ السماواتِ إذا زلنَ بَطُلَ سيرُ الشمس أصلاً ، فاستقرّتْ مِمَّا كانتْ عليهِ من السير. ونعوذُ بالله أنْ نقولَ : إِنَّ حركتها دائمةٌ كما يذهبُ مُحَبَّنوا (٣) المُلْحدة فهذا إذاً في لفظ العموم بمعنى الخصوص بمنزلة قوله :
أبكي لفقدك ما ناحتْ مُطَوَّقَةٌ |
|
وما سَمَا فَنَنٌ يوماً على ساقِ (٤) |
ونحن نعلم ان أقصى الأعمار الآنَ إنَّمَا هو مئة سنة ونحوها أَي لو عشتُ أَبداً بكيتك فكذلك (لا مستقرَّ لَهَا) ما دامتِ السنواتُ على ما هي
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٣٨ : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا ذَلِك تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
(٢) وهي قراءة الكسائي برواية الشيرازي عنه كما في زاد المسير : ٦ / ٢٧١.
(٣) أصل الحَبَن داء في البطن فيعظُم مِنهُ وَيَرِمُ والأَحبَن المستسقي من الحبنَ بالتحريك وهو عِظم البطن.
انظر : أساس البلاغة : ١ / ١٥١ واللسان : ١٦ / ٥٨.
(٤) البيت لأُمَّ عمرو أخت ربيعة بن المُكُدَّمِ في رثاء أخيها ربيعة ويروى (فسوف أبكيك) مكان (أبكي لفقدك) و (ما سريت مع الساري) مكان (وما سما فنن يوماً).
انظر : ذيل الأمالي : ١٣.