جازتِ القومَ إلى أَرحُلِنَا |
|
آخرَ الليلِ بيعفور خَدِر (١) |
وهي نفسها عندَهُ اليعفورُ. أنشدنا أبو علي :
أفَاءَتْ بَنُو مروانَ أَمسِ دماءَنا |
|
وفي اللهِ إنْ لَمْ يحكُمُوا حكمٌ عدلُ (٢) |
وهو سبحانه أعرف المعارف ، وقد سمّاه الشاعر حَكَماً عدلاً ، فأخرجَ اللفظَ مخرجَ التنكيرِ ، فقد ترى كيف آلَ الكلامُ من لفظ التنكير إلى معنى التعريف ، وفيه مع ذلك لفظ الرضا باليسير. وعليه قولُ اللهِ عزّ اسمه : (وَلَهَدَيْنَاهُم صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٣) أَي : هديناهم من نعمتنا عليهم ، ونَظَرِنا لَهُم صِراطاً مستقيماً ، وقال كُثَير :
أميرُ المؤمنينَ على صراط |
|
إذا اعوجَّ الموارِدُ مستقيمُ (٤) |
وهذا كقولك : أَمير المؤمنين على الصراطِ المستقيمِ ، لا فرقَ بينهما ، وذلك أَنَّ مَفادَ نكرةِ الجنسِ مفادُ معرفتِهِ من حيثُ كانَ في كُلُّ جزء منهُ معنى ما في جملتهِ ، ألا ترى إلى قوله :
وَأَعلَمُ أَنَّ تَسْلِيمَا وتَرْكَا |
|
لَلاَ متشابهانِ وَلا سواءُ (٥) |
__________________
(١) انظر : ديوان طرفة : ٦٨ والخصائص : ٢ / ١٧٧. واليعفور : ظبي تعلوه حمرة ، والخَدِر : الفاتر العظام البطئ عند القيام.
(٢) لأَبي الخطَّار الكلبي. انظر : معاهد التنصيص : ٣ / ١٦ وحماسة ابن الشجري : ٤ والخصائص : ٢ / ٤٧٥ وإعراب القرآن المنسوب إلى الزجّاج : ٢ / ٦٦٦.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٦٨.
(٤) نسبه ابنُ جِنِّي لكثير وهو لجرير من قصيدة في مدح هشام بن عبد الملك. أُنظر : ديوان جرير : ٥٠٧ وتفسير القرطبي : ١ / ١٢٨ والمحتسب : ٢ / ٣٧٩.
(٥) البيت لأبي حزام غالب بن الحارث العكلي.
أُنظر : همع الهوامع : ١ / ٨٨ وخزانة الأدب. ط. بولاق : ١٢٩٩ هـ : ٤ / ٣٣١ وشرح الشواهد للعيني : ١ / ٢٨١ والمحتسب : ١ / ٤٣.