نَهْياً (١) كَقَولِكَ : لا تقمْ إذا قامَ غيرُكَ والأَولُ أَجودُ (٢).
وَقَرَأَ الأعْرَجُ وَأبَانُ بنُ عثمانَ : (فَيَطْمَعِ الَّذي) (٣) بِكَسرِ العينِ.
قَالَ أَبو الفتح : هو معطوفٌ على قولِ الله تعالى : (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أَيْ : فَلاَ يَطْمَع الّذي فِي قَلبه مَرَضٌ ، فَكِلاهُمَا مِنْهِيٌّ عنهُ ، إلاَّ أَنَّ النصبَ أَقْوىَ مَعْنَىً ، وَأَشَدُّ إصَابَةً للعذرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَصَبَ كَانَ معناهُ أَنَّ طمَعَهُ إنَّمَا هوَ مُسَبَّبٌ عَنْ خضوعِهِنَّ بالقولِ. فالأصلُ فِي ذَلِك مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَالمَنْهِيّ مُسَبَّبٌ عَنْ فِعْلِهِنَّ ، وَإِذَا عَطَفَهُ كَانَ نهياً لَهُنَّ وَلَهُ ، وَلَيْسَ فِيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّمَعَ رَاجِعُ في الأَصل إلَيْهِنَّ ، وَوَاقِعٌ مِنْ أَجْلِهِنَّ ، وَعَلَيْهِ بيتُ امرئ القيس :
فَقُلْتُ لَهُ صَوّبْ وَلاَ تُجْهِدَنَّهُ |
|
فَيُذْرِكَ مِنْ أُخْرى القَطَاةِ فَتَزْلَقِ (٤) |
فَهَذَا نَهْيُّ بَعْدَ نَهيّ كَالِقَراءَةِ الشَّاذَةِ (٥).
__________________
موضع جرّ لأنّ اسم الفعل هو الجار والمجرور وعلى وَحْدَهَم لم تستعمل اسماً للفعل. إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٢٨.
(١) نقل الطبرسِي هذه العبارة في مجمع البيان : ٧ / ٢١٦.
(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٠.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٢ : (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْـتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ).
(٤) البيت لامرئ القيس وهو في ديوانه وينسب لعمرو بن عمّار الطائي. يروى (فيدنك) مكان (فيذرك) و (أَعلى) مكان (أُخرى) ويروى (فتزلق) بالرفع ، والشاعر يخاطب غلامه وقد حمله على فرسه ليصيد له. ديوان امرئ القيس : ١٧٤ وفي نسخة السندوبي : ٩١ والكتاب : ١ / ٤٥٢ والمقتضب : ٢ / ٢٣ واللسان : ١٨ / ٣٠٩.
(٥) المحتسب : ٢ / ١٨١.