إلى الميقات بأن أحرم من جوف مكة ، وقع الحجّ عن المستأجر بحكم الإِذن ، فكان يجوز أن يقال : المأذون فيه الحجّ من الميقات ، وهذا الخصوص متعلّق الغرض ، فلا يتناول الإِذن غيره ، فيحطّ شيء من الاُجرة المسمّاة وإن وقع الحجّ عن المستأجر ؛ لمجاوزته الميقات وكان الواجب عليه أن يُحرم منه .
وقال أبو حنيفة : إذا أحرم عن نفسه ثم حجّ عن المستأجر بإحرام من مكة من غير أن يرجع إلى الميقات ، لم يقع فعله عن الآمر ، ويردّ جميع النفقة إليه ؛ لأنّه أتى بغير ما اُمر به (١) .
والأول مذهب الشافعي ؛ لأنّه ما أخلّ إلّا بما يجبره الدم ، فلم تسقط اُجرته (٢) .
وفي قدر المحطوط اختلاف مبني على أنّ الاُجرة تقع في مقابلة أعمال الحجّ وحدها ، أو يتوزّع على المسير من بلد الإِجارة والأعمال ، فإن قلنا بالثاني ـ وهو الأظهر عند الشافعية (٣) ـ فقولان : أحدهما : أنّ المسافة لا تُحتسب له هاهنا ؛ لأنّه صرفه إلى غرض نفسه حيث أحرم بالعمرة من الميقات ، فعلى هذا توزّع الاُجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإِجارة وإحرامها من الميقات ، وعلى حجّة منشأة من جوف مكة ، فإذا كانت اُجرة الحجّة المنشأة من بلد الإِجارة مائة ، واُجرة الحجّة المنشأة من مكة عشرة ، حطّ من الاُجرة المسمّاة تسعة أعشارها .
وأصحّهما عندهم : أنّها تحسب له ؛ لأنّ الظاهر أنّه يقصد بها تحصيل الحجّ الملتزم ، إلّا أنّه أراد أن يربح في سفره عمرة ، فعلى هذا تتوزّع الاُجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإِجارة إحرامها من الميقات وعلى حجّة منشأه منها أيضاً إحرامها من مكة ، فإذا كانت اُجرة الاُولى مائة واُجرة الثانية
__________________
(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٩٠ .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٥٥ ، المجموع ٧ : ١٢٩ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٩٠ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ٥٥ ، المجموع ٧ : ١٢٩ .