يجوز لمريد النسك أن يمرّ على الميقات غير مُحْرم ، وإن كان أبعد ، قال الشيخ في المبسوط : لا يلزمه ذلك ؛ لأنّه باطل (١) .
والتحقيق أن نقول : إن كان المستأجر قد نذر الإِحرام قبل الميقات ، لزمه الوفاء به عنده ، فإذا استأجره لذلك ، وجب على الأجير الوفاء به ، وإن لم يكن قد نذر ، لم يلزم الأجير فعله .
إذا عرفت هذا ، فإن استأجره للإِحرام من قبل الميقات الشرعي وسوّغناه فتجاوزه غير مُحْرم ، فهل يجب على الأجير الدم في مجاوزته غير مُحْرم ؟ للشافعية وجهان :
أحدهما : عدم الوجوب ؛ لأنّ الدم منوط بالميقات الواجب شرعاً ، فلا يلحق به غيره ، ولأنّ الدم يجب حقّاً لله تعالى ، والميقات المشروط إنّما يتعيّن حقّاً للمستأجر ، والدم لا يُجبر حقّ الآدمي .
وأظهرهما عندهم : أنّه يلزم ؛ لأنّ تعيّنه وإن كان لحقّ الآدمي فالشارع هو الذي يحكم به ويتعلّق به حقّه ، فإن قلنا بالأول ، حطّ قسط من الاُجرة قطعاً ، وإن قلنا بالثاني ، ففي حصول الانجبار الوجهان (٢) .
وكذلك لزوم الدم بسبب ترك المأمور به كالرمي والمبيت .
وإن لزمه بسبب ارتكاب محظور كاللُّبْس والقَلْم ، لم يحط شيء من الاُجرة ؛ لأنّه لم ينقص شيء من العمل .
ولو شرط على الأجير أن يُحرم في أول شوّال فأخّره ، لزم الدم ، وفي الانجبار الخلاف (٣) ، وكذا لو شرط عليه أن يحجّ ماشياً فحجّ راكباً ؛ لأنّه ترك شيئاً مقصوداً .
مسألة ١٠٩ : أنواع الحجّ ثلاثة على ما يأتي (٤) : تمتّع وهو أفضلها ،
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ١ : ٣٢٢ .
(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٥٩ ، المجموع ٧ : ١٣١ .
(٤) يأتي في المسألة ١٢٥ .