وأمّا النافون للخلاف فلهم طُرُق :
أحدها : القطع بعدم اللزوم وحُمِل نصّه في الإِملاء على ما إذا ركبه لبعض الأغراض ، فصار أقرب إلى الشط الذي يلي مكة .
والثاني : القطع باللزوم .
والثالث : أنّه إن كان الغالب الهلاك ، لم يلزم ، وإن كان الغالب السلامة ، لزم ، واختلاف القولين محمول على حالين ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد (١) .
والرابع : تنزيل القولين على حالين من وجه آخر : إن كان الرجل ممّن اعتاد ركوب البحر كالملّاحين وأهل الجزائر ، لزمه ، وإلّا فلا ؛ لصعوبته عليه .
ونقل الجويني عن بعض الشافعية : اللزوم عند جرأة الراكب ، وعدمه عند استشعاره .
ومن الشافعية مَنْ قال : لا يجب على المستشعر ، وفي غيره قولان .
ومنهم مَنْ قال : يجب على غير المستشعر ، وفيه قولان .
وعلى القول بعدم وجوب ركوبه هل يستحب ؟ فيه وجهان لهم :
أحدهما : لا ؛ لما فيه من التغرير بالنفس .
وأظهرهما : نعم ، كما يستحب ركوبه للغزو .
والوجهان فيما إذا كان الغالب السلامة ، أمّا إذا كان الغالب الهلاك ، فيحرم الركوب ، نقله الجويني ، وحكى تردّد الشافعية فيما إذا اعتدل الاحتمال .
وإذا لم نوجب الركوب ، فلو توسّط البحر هل له الانصراف أم عليه التمادي ؟ فيه قولان مبنيان على القولين في المحصر إذا أحاط العدوّ به من
__________________
(١) فتح العزيز ٧ : ١٩ ، المغني ٣ : ١٦٧ .