فصل : قوله (قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) الاية : ٦١.
معناه : لا تكذبوا عليه كذبا بتكذيبي وتقولون : ان ما جئت به السحر.
والافتراء اقتطاع الخبر الباطل بإدخاله في جملة الحق ، وأصله القطع من فراه يفريه فريا وافترا افتراءا ، والافتراء والافتعال والاختلاف واحد.
وقوله (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) قال قتادة وابن زيد والسدي : معناه فيستأصلكم بعذاب.
والسحت استقصاء الحلق سحته يسحته سحتا ، وأسحته اسحاتا لغتان ، قال الفرزدق :
وعض زمان يا بن مروان لم يدع |
|
من المال الا مسحتا أو محلف |
وقوله (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) معناه : قد فاز اليوم من علا على صاحبه بالغلبة ، انما أمرهم موسى بالإلقاء ، وهو كفر منهم ، لأنه ليس بأمر ، وانما هو تهديد ، ومعناه الخبر بأن من كان القاؤه منكم حجة عنده ابتداء بالإلقاء ، ذكره الجبائي.
وقال قوم : يجوز أن يكون ذلك أمرا على الحقيقة أمرهم بالإلقاء على وجه الاعتبار لا على وجه الكفر. وقيل : كان عدة السحرة سبعين ألفا.
فصل : قوله (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) الاية : ٦٧.
قيل : في وجه خيفته قولان : أحدهما ـ قال الجبائي والبلخي : خاف أن يلتبس على الناس أمرهم ، فيتوهموا أنه بمنزلة ما كان من امر عصاه.
الثاني : انه خاف بطبع البشرية لما رأى من كثرة ما يخيل من الحيات العظام فقال الله تعالى (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) أي : انك أنت الغالب لهم والقاهر لامرهم.