أن يقول : اني أفعل شيئا في غد ، الا أن يقيد قوله بمشيئة الله ، فيقول : ان شاء الله ، لأنه لا يأمن اخترامه ، فيكون خبره كذبا. وإذا قيده بقوله «ان شاء الله» ثم لم يفعل لم يكن كاذبا.
والمراد بالخطاب جميع المكلفين ، ومتى أخبر المخبر عن ظنه وعزمه بأنه يفعل شيئا فيما بعد ثم لا يفعل لا يكون كاذبا ، لأنه أخبر عن ظنه وهو صادق فيه.
وقال الفراء قوله «الا أن يشاء الله» بمعنى المصدر ، فكأنه قال : الا مشيئة الله. والمعنى الا ما يريده الله ، وإذا كان الله تعالى لا يشاء الا الطاعات ، فكأنه قال له : لا تقل اني أفعل الا الطاعات وما يقرب الى الله.
وهذا وجه حسن ، ولا يطعن في ذلك جواز الاخبار عما يريد فعله من المباحات التي لا يشاؤها الله ، لان هذا المنهي ليس هو نهي تحريم وانما هو نهي تنزيه ، لأنه لو لم يقل ذلك لما أثم بلا خلاف ، وانما هو نهي تحريم فيما يتعلق بالقبح ، فانه لا يجوز أن يقول : اني أفعل ذلك بحال.
والاية تضمنت أن لا يقول الإنسان اني أفعل غدا شيئا الا أن يشاء الله ، فأما أن يعزم عليه من غير ذكر ذلك ، فلا يلزم المشيئة فيه الا ندبا.
قال ابن عباس : له أن يستثني ولو الى سنة.
والذي نقوله : ان الاستثناء متى لم يكن متصلا بالكلام أو في حكم المتصل لم يكن له تعلق بالأول ولا حكم له ، وأنه يجوز دخول الاستثناء بمشيئة الله في جميع أنواع الكلام من الامر والنهي والخبر والايمان وغير ذلك. ومتى استثنى ثم خالف لم يكن حانثا في يمينه ولا كاذبا في خبره. ومتى هو استثناه بعد مدة وبعد انفصال الكلام لم يبطل ذلك حنثه ولزمته الكفارة.
ولو لم يقل ذلك أدى الى أن لا يصح يمين ولا خبر ولا عقد ، فان الإنسان متى شاء استثنى في كلامه ويبطل حكم كلامه ، وقد روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : من