وقوله (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) معناه : ان شاء قبل توبتهم وأسقط عقابهم إذا تابوا وان شاء لم يقبل ، وذلك اخبار عن مقتضى العقل ، واما مع ورود السمع ، وهو قوله (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) (١) فنقطع على أنه تعالى يغفر مع حصول التوبة.
وقوله (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) يؤكد ذلك لأنه انما يكون فيه مدح إذا غفر ما له المؤاخذة به ، ويرحم من يستحق العقاب ، فأما من يجب غفرانه وتجب رحمته فلا مدح في ذلك.
والنحب النذر ، أي : قضى نذره الذي كان نذره فيما عاهد الله عليه. وقال مجاهد : «قضى نحبه» أي : عهده. وقيل : ان المؤمنين كانوا نذروا إذا لقوا حربا مع رسول الله أن يثبتوا ولا ينهزموا. وقال الحسن : قضى نحبه أي مات على ما عاهدوا. النحب الموت كقول ذي الرمة :
قضى نحبه في ملتقى الموت هو بر (٢)
أي : منيته ، وهو بر اسم رجل.
وقوله (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بالريح والملائكة. وقيل : وكفى الله المؤمنين القتال بعلي عليهالسلام ، وهي قراءة ابن مسعود ، وكذلك هو في مصحفه في قتله عمرو بن عبد ود ، وكان ذلك سبب هزيمة القوم.
فصل : قوله (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) الآيات ٢٦ ـ ٣٣.
الصياصي الحصون التي يمتنع بها واحدها صيصية ، ويقال : جذ الله صيصية فلان ، أي : حصنه الذي يمتنع به ، والصيصية قرن البقرة ، وهي شوكة الديك
__________________
(١). سورة الشورى : ٢٥.
(٢). مجاز القرآن ٢ / ١٣٦.