ثم قال (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) روى أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وأم سلمة وواثلة بن الأسقع أن الاية نزلت في النبي عليهالسلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام.
واستدل أصحابنا بهذه الاية على أن في جملة أهل البيت معصوما لا يجوز عليه الغلط ، وأن إجماعهم لا يكون الا صوابا ، بأن قالوا : ليس يخلو ارادة الله لاذهاب الرجس عن أهل البيت من أن يكون هو ما أراد منهم من فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، أو يكون عبارة عن أنه أذهب عنهم الرجس بأن فعل لهم لطفا اختاروا عنده الامتناع من القبائح.
والاول لا يجوز أن يكون مرادا ، لان هذه الارادة حاصلة مع جميع المكلفين فلا اختصاص لأهل البيت في ذلك ، ولا خلاف أن الله تعالى خص بهذه الاية أهل البيت بأمر لم يشركهم فيه غيره ، فكيف يحمل على ما يبطل هذا التخصيص ، ويخرج الاية من أن يكون لهم فيها فضيلة ومزية على غيرهم.
على أن لفظة «انما» تجرى مجرى ليس ، وقد دللنا على ذلك فيما تقدم ، وحكيناه عن جماعة من أهل اللغة كالزجاج وغيره.
فيكون تلخيص الكلام ليس يريد الله اذهاب الرجس على هذا الحد الا عن أهل البيت ، فدل ذلك على أن اذهاب الرجس قد حصل فيهم. وذلك يدل على عصمتهم ، وإذا ثبت عصمتهم ثبت ما أردناه.
وقال عكرمة : هي أزواج النبي خاصة. وهذا غلط ، لأنه لو كانت الاية فيهن خاصة لكنى عنهن بكناية المؤنث ، كما فعل في جميع ما تقدم من الآيات ، نحو قوله (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ) فذكر جميع ذلك بكناية المؤنث ، فكان يجب أن يقول : انما يريد الله ليذهب عنكن الرجس أهل البيت ويطهركن. فلما كنى بكناية المذكر دل على أن النساء لا مدخل