فصل : قوله (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) الاية : ٤٣.
معنى «من» الاولى لابتداء الغاية ، لان السماء ابتداء الانزال بالمطر ، والثانية للتبعيض ، لان البرد بعض الجبال التي في السماء ، والثالثة لتبيين الجنس ، لان جنس الجبال جنس البرد.
وقيل : في السماء جبال برد مخلوقة في السماء.
وقال البلخي : يجوز أن يكون البرد يجتمع في السحاب كالجبال ثم ينزل منها.
فصل : قوله (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الاية : ٤٥.
أخبر الله تعالى أنه خالق كل شيء يدب من الحيوان من ماء ثم فصله ، فقال (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحياة والسمك والدود وغير ذلك.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالطير وابن آدم وغير ذلك (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالبهائم والسباع وغير ذلك ، ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع لأنه كالذي يمشي على أربع في مرأى العين ، فترك ذكره لان العبرة تكفي بذكر الأربع.
وقال البلخي : لان عند الفلاسفة أن ما زاد على الأربع لا يعتمد عليها ، واعتماده على أربع فقط. وانما قال «من ماء» لان أصل الخلق من ماء ، ثم قلب الى النار فخلق الجن منها ، والى الريح فخلقت الملائكة منها ، ثم الى الطين فخلق آدم عليهالسلام منه.
ودليل أن أصل الحيوان كله الماء قوله (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (١) وانما قال «منهم» تغليبا لما يعقل على ما لا يعقل. وقيل : «من ماء» أي من نطفة.
فصل : قوله (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ
__________________
(١). سورة الأنبياء : ٣٠.