أيضا ، وهي شوكة الحائك أيضا ، قال الشاعر :
كوقع الصياصي في النسيج الممدد (١)
كأن الحسن لا يرى التخيير شيئا ، وقال : انما خيرن بين الدنيا والاخرة لا في الطلاق ، وكذلك عندنا أن الخيار ليس بشيء ، غير أن أصحابنا قالوا : انما كان ذلك للنبي عليهالسلام خاصة ، ولما خيرهن لو اخترن أنفسهن لبن ، فأما غيره فلا يجوز له ذلك.
ثم قال (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) انما قال (كَأَحَدٍ) ولم يقل كواحدة ، لان أحدا نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة ، أي : لا يشبهكن أحد من النساء في جلالة القدر وعظم المنزلة ، ولمكانكن من رسول الله ، بشرط أن تتقين عقاب الله واجتناب معاصيه وامتثال أوامره.
وانما شرط ذلك بالاتقاء لئلا يعولن على ذلك ، فيرتكبن المعاصي ، ولو لا الشرط كان يكون إغراء لهن بالمعاصي ، وذلك لا يجوز على الله تعالى.
وقوله (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) قال قتادة : التبرج التبختر والتكبر.
وقال غيره : هو اظهار المحاسن للرجال.
ومعنى الجاهلية الاولى ، وهو ما كان قبل الإسلام. وقيل : ما كان بين آدم ونوح. وقيل : ما كان بين موسى وعيسى. وقيل : ما كان بين عيسى ومحمد.
وقيل : ما كان يفعله أهل الجاهلية ، لأنهم كانوا يجوزون لامرأة واحدة رجل وحلم (٢) ، فللزوج النصف السفلاني وللحلم الفوقاني من التقبيل والمعانقة ، فنهى الله تعالى عن ذلك أزواج النبي عليهالسلام. وأما الجاهلية الاخرى ، فهو ما يعمل بعد الإسلام بعمل أولئك.
__________________
(١). مجاز القرآن ٢ / ١٦١.
(٢). في التبيان : رجلا وخلا.