وقوله تعالى (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) معناه : ملئت نارا كما يسجر التنور. وأصل السجر الملء ، قال لبيد :
فتوسطا عرض السري وصدعا |
|
مسجورة متجاوز أقدامها |
أي : مملوءة ، ومنه (الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (١).
وقوله (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) فالموؤدة المقتولة بدفنها حية ، فكانت العرب تئد البنات خوف الاملاق ، وعلى هذا جاء قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) (٢) وقيل : مؤودة للثقل الذي عليها من التراب ، ومنه قوله تعالى (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) (٣) أي : لا يثقله ، قال الفرزدق :
ومنا الذي منع الوائدات |
|
وأحيا الوئيد فلم يؤود (٤) |
وانما يسأل الموؤدة على جهة التوبيخ لقاتلها ، وهو أبلغ من سؤاله ، لان هذا مما لا يصلح الا بذنب وأي ذنب كان لك ، فإذا ظهر أنه لا ذنب لها جاءت الطامة الكبرى على قاتلها.
وقوله (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) فالكشط القلع عن شدة التزاق ، والكشط والنشط واحد.
وقوله (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي : قربت من أهلها يوم القيامة ، فالازلاف ادناء ما يجب ، ومنه الزلفة القربة ، ومنه المزدلفة لأنها قريبة من مكة.
فصل : قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوارِ الْكُنَّسِ. وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ. وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ. إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) الآيات : ١٥ ـ ١٩.
__________________
(١). سورة الطور : ٦.
(٢). سورة الانعام : ١٥١.
(٣). سورة البقرة : ٢٥٥.
(٤). ديوان الفرزدق ١ / ٢٠٣.