عند تركه قول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
قال : وقام رجل إلى علي بن الحسين عليهالسلام فقال : أخبرني ما معنى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟
فقال علي بن الحسين عليهالسلام : حدثني أبي ، عن أخيه الحسن ، عن أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام : أن رجلا قام إليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ما معناه؟
فقال : إن قولك : الله ، أعظم اسم من أسماء الله عز وجل ، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله ، ولم يتسم به مخلوق.
فقال الرجل : فما تفسير قول الله؟
قال : هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق ، عند انقطاع الرجاء من جميع من [هو] دونه ، وتقطع الأسباب من كل ما سواه ، وذلك [أن] كل مترئس في هذه الدنيا ، ومتعظم فيها ، وإن عظم غناه وطغيانه ، وكثرت حوائج من دونه إليه ، فإنهم سيحتاجون حوائج [لا يقدر عليها هذا المتعاظم ، وكذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج] لا يقدر عليها ، فينقطع إلى الله عند ضرورته وفاقته ، حتى إذا كفى همه ، عاد إلى شركه. أما تسمع الله عز وجل يقول : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٣) فقال الله جل وعز لعباده : أيها الفقراء إلى رحمتي ، إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال ، وذلة العبودية في كل وقت ، فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون وترجون تمامه وبلوغ غايته ، فإني إن أردت أن أعطيكم ، لم يقدر غيري على منعكم ، وإن أردت أن أمنعكم ، لم يقدر غيري على إعطائكم ، فأنا أحق من يسأل ، وأولى من تضرع إليه.
فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أي : استعين على هذا الأمر ، الذي لا تحق العبادة لغيره ، إلا له ، المجيب إذا دعي ، المغيث إذا استغيث ، الرحمن الذي يرحم يبسط الرزق علينا ، الرحيم بنا في أدياننا ، ودنيانا ، وآخرتنا ، خفف علينا الدين ، وجعله سهلا خفيفا ، وهو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه».
ثم قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من حزنه أمر تعاطاه فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وهو مخلص لله ، ويقبل بقلبه إليه ، لم ينفك من إحدى اثنتين : إما بلوغ حاجته في الدنيا ، وإما يعد له عند ربه ويدخر له ، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين».
٢٦٤ / ٩ ـ العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، في تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : «الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله ـ ورواه غيره عنه : ملك الله ـ والله إله الخلق ، الرحمن بجميع العالم ، الرحيم بالمؤمنين خاصة».
ورواه غيره عنه : «والله إله كل شيء».
__________________
(٣) الأنعام ٦ : ٤٠ و ٤١.
٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ / ١٨ ـ ٢٠.