٣١٩ / ٩ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسترابادي ، المعروف بأبي الحسن الجرجاني رضياللهعنه ، قال : حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد ، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن ابن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) ، أنه قال : «كذبت قريش واليهود بالقرآن ، وقالوا هذا سحر مبين تقوله ، فقال الله : (الم * ذلِكَ الْكِتابُ) أي يا محمد ، هذا الكتاب الذي أنزلته عليك ، هو الحروف المقطعة ، التي منها : ألف ، لام ، ميم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم.
ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (١) ثم قال تعالى : (الم) هو القرآن الذي افتتح بـ (الم) هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى ، فمن بعده من الأنبياء ، وأخبروا بني إسرائيل : أني سأنزله عليك ـ يا محمد ـ كتابا عربيا عزيزا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). (٢) (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شك فيه ، لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم : أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل ، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم. (هُدىً) بيان من الضلالة. (لِلْمُتَّقِينَ) الذين يتقون الموبقات ، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه ، عملوا بما يجب لهم رضا ربهم».
ثم قال : «وقال الصادق عليهالسلام : الألف حرف من حروف [قول الله ، دل بالألف على] قولك : الله ، ودل باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله ، وجعل هذا القول حجة على اليهود ، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران ، ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل ، لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ، ليؤمنن بمحمد العربي المبعوث بمكة ، الذي يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب ، بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، تحفظه أمته ، فيقرءونه قياما وقعودا ومشاة ، وعلى كل الأحوال ، يسهل الله عز وجل حفظه عليهم.
ويقرنون بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أخاه ووصيه علي بن أبي طالب عليهالسلام ، الآخذ عنه علومه التي علمها ، والمتقلد منه الإمامة التي قلدها ، ويذلل كل من عاند محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بسيفه الباتر ، ويفحم (٣) كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر ، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله ، حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين ، ثم إذا صار محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى رضوان الله عز وجل وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الإيمان ، وحرفوا تأويلاته ، وغيروا معانيه ، ووضعوها على خلاف وجوهها ، قاتلهم بعده على تأويله ، حتى يكون إبليس الغاوي لهم ، هو الخاسر
__________________
٩ ـ معاني الأخبار : ٢٤ / ٤.
(١) الإسراء ١٧ : ٨٨.
(٢) فصّلت ٤١ : ٤٢.
(٣) يقال : كلّمته حتّى أفحمته ، إذا أسكتّه في خصومة أو غيرها. «الصحاح ـ فحم ـ ٥ : ٢٠٠٠».