والكافرون والمنافقون ينظرون ، فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا [يسخرون] ـ لما كانوا من موالاة محمد وعلي وآلهما (صلوات الله عليهم) يعتقدون ـ فيرونهم ، ومنهم من هو على فرشها يتقلب ، ومنهم من هو في فواكهها يرتع ، ومنهم من هو في غرفها ، أو بساتينها ومتنزهاتها يتبحبح ، والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم ، وطائفون بالخدمة حواليهم ، وملائكة الله عز وجل يأتونهم من عند ربهم بالحباء (١٦) والكرامات ، وعجائب التحف والهدايا والمبرات يقولون لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ). (١٧) فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين والمنافقين : يا فلان ، ويا فلان ، ويا فلان ـ حتى ينادونهم بأسمائهم ـ ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟! هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم ، وتلحقوا بنا في نعيمها.
فيقولون : يا ويلنا أنى لنا هذا؟
فيقول المؤمنون : انظروا إلى الأبواب ، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون ، ويقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها ، فيأخذون في السباحة في بحار حميمها ، وعدوا من بين أيدي زبانيتها وهم يلحقونهم ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم ، فلا يزالون كذلك يسيرون هناك ، وهذه الأصناف من العذاب تمسهم ، حتى إذا قدروا أن يبلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة عنهم ، وتدهدههم (١٨) الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم.
ويستلقي أولئك المنعمون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم ، فذلك قول الله عز وجل : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وقوله عز وجل : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ). (١٩)
٣٣٧ / ٢ ـ ابن شهر آشوب : عن الباقر عليهالسلام : «أنها نزلت في ثلاثة ـ لما قام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالولاية لأمير المؤمنين عليهالسلام ـ أظهروا الإيمان والرضا بذلك ، فلما خلوا بأعداء أمير المؤمنين عليهالسلام (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)».
٣٣٨ / ٣ ـ وعن (تفسير الهذيل ومقاتل) عن محمد بن الحنفية ـ في خبر طويل ـ (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)
__________________
= (١٥) الغسّاق : ما يغسق من صديد أهل النّار ، أي يسيل. «مجمع البحرين ـ غسق ـ ٥ : ٢٢٣».
(١٦) الحباء : العطاء. «الصحاح ـ حبا ـ ٦ : ٢٣٠٨».
(١٧) الرعد ١٣ : ٢٤.
(١٨) دهدقت الحجر : دحرجته. «الصحاح ـ دهده ـ ٦ : ٢٢٣١».
(١٩) المطفّفين ٨٣ : ٣٤ و ٣٥.
٢ ـ المناقب ٣ : ٩٤ «نحوه».
٣ ـ المناقب ٣ : ٩٤.