آبائه عليهمالسلام ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيها الناس ، إنكم في زمان هدنة ، وأنتم على ظهر سفر ، والسير بكم سريع ، فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر ، يبليان كل جديد ، ويقربان كل بعيد ، ويأتيان بكل موعود ، فأعدوا الجهاز لبعد المفاز».
فقام المقداد ، فقال : يا رسول الله ، ما دار الهدنة؟
قال : «دار بلاء وانقطاع ، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وماحل (١) مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار.
وهو الدليل يدل على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، له ظهر وبطن ؛ فظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم (٢) وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنازل الحكمة ، ودليل على المعروف لمن عرفه».
٣٥ / ٥ ـ عن يوسف بن عبد الرحمن ، رفعه إلى الحارث الأعور ، قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنا إذا كنا عندك سمعنا الذي نشد (١) به ديننا ، وإذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة ، لا ندري ما هي؟! قال : «أو قد فعلوها؟!».
قال : قلت : نعم.
قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمد ، ستكون في أمتك فتنة.
قلت : فما المخرج منها؟
فقال : كتاب الله ، فيه بيان ما قبلكم من خبر ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من وليه من جبار فعمل بغيره قصمه الله ، ومن التمس الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، لا تزيغه الأهواء (٢) ، ولا تلبس به الألسنة ، ولا يخلق على الرد (٣) ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء.
هو الذي لم تكنه الجن إذ سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) (٤) من قال به
__________________
(١) المحل : المكر والكيد. يقال : محل به ، إذا سعى به إلى السلطان ، فهو ما حل. «الصحاح ـ محل ـ ٥ : ١٨١٧».
قال الرازي جعله يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه ، أي يسعى به إلى الله تعالى. وقيل : معناه وخصم مجادل مصدّق. «مختار الصحاح ـ محل ـ ٦١٦».
(٢) التّخم : منتهى كلّ قرية أو أرض ، يقال : فلان على تخم من الأرض ، والجمع تخوم ، مثل : فلس وفلوس. «الصحاح ـ تخم ـ ٥ : ١٨٧٧».
٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٣ / ٢.
(١) في المصدر : نسدّ.
(٢) في «ط» : الأهوية ، جمع هواء : وهو ما بين السّماء والأرض ، والهوى : هوى النفس والجمع الأهواء. «الصحاح ـ هوا ـ ٦ : ٢٥٣٧».
(٣) في «ط» نسخة بدل : عن كثرة الردّ.
(٤) الجنّ ٧٢ : ١ و ٢.