فلما عجزوا بعد التقريع (٦) والتحدي ، قال الله عز وجل : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)» (٧).
٣٥٤ / ٢ ـ قال علي بن الحسين عليهالسلام : «وذلك قوله عز وجل : (وَإِنْ كُنْتُمْ) أيها المشركون واليهود ، وسائر النواصب من المكذبين بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن ، وفي تفضيله أخاه عليا عليهالسلام المبرز على الفاضلين ، الفاضل على المجاهدين ، الذي لا نظير له في نصرة المتقين ، وقمع الفاسقين ، وإهلاك الكافرين ، وبث دين الله في العالمين.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) في إبطال عبادة الأوثان من دون الله ، وفي النهي عن موالاة أعداء الله ، ومعاداة أولياء الله ، وفي الحث على الانقياد لأخي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتخاذه إماما ، واعتقاده فاضلا راجحا ، لا يقبل الله عز وجل أمانا إلا به ، ولا طاعة إلا بموالاته ، وتظنون أن محمدا تقوله من عنده ، وينسبه إلى ربه [فإن كان كما تظنون] (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) أي مثل محمد ، أمي لم يختلف إلى أصحاب كتب قط ، ولا تتلمذ لأحد ، ولا تعلم منه ، وهو من قد عرفتموه في حضره وسفره ، ولم (١) يفارقكم قط إلى بلد وليس معه جماعة منكم يراعون أحواله ، ويعرفون أخباره.
ثم جاءكم بهذا الكتاب ، المشتمل على هذه العجائب ، فإن كان متقولا ـ كما تزعمون ـ فأنتم الفصحاء ، والبلغاء ، والشعراء ، والأدباء الذين لا نظير لكم في سائر الأديان ، ومن سائر الأمم ، وإن كان كاذبا فاللغة لغتكم ، وجنسه جنسكم ، وطبعه طبعكم ، وسيتفق لجماعتكم ـ أو لبعضكم ـ معارضة كلامه هذا بأفضل منه أو مثله.
لأن ما كان من قبل البشر ، لا عن الله عز وجل ، فلا يجوز إلا أن يكون في البشر من يتمكن من مثله ، فأتوا بذلك لتعرفوه ـ وسائر النظائر إليكم في أحوالكم ـ أنه مبطل كاذب على الله تعالى (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون ، وأنما تجيئون به نظير لما جاء به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشهداؤكم الذين تزعمون أنهم شهداؤكم عند رب العالمين لعبادتكم لها ، وتشفع لكم إليه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولكم : إن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم تقوله.
ثم قال الله عز وجل : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) هذا الذي تحديتكم به (وَلَنْ تَفْعَلُوا) أي ولا يكون ذلك منكم ، ولا تقدرون عليه ، فاعلموا أنكم مبطلون ، وأن محمدا الصادق الأمين المخصوص برسالة رب العالمين ، المؤيد بالروح الأمين ، وبأخيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، فصدقوه فيما يخبر به عن الله تعالى من أوامره ونواهيه ، وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه ، (فَاتَّقُوا) بذلك عذاب (النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا ـ حطبها ـ النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) حجارة الكبريت ، أشد الأشياء حرا (أُعِدَّتْ) تلك النار (لِلْكافِرِينَ) بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) التقريع : التعنيف. «الصحاح ـ قرع ـ ٣ : ١٢٦٤».
(٢) الإسراء ١٧ : ٨٨.
٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٠٠ / ٩٢.
(١) في «س» و «ط» : ولا.