والشاكين في نبوته ، والدافعين لحق أخيه علي عليهالسلام ، والجاحدين لإمامته.
ثم قال : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله ، وصدقوك في نبوتك فاتخذوك إماما ، وصدقوك في أقوالك ، وصوبوك في أفعالك ، واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ، ولك وصيا مرضيا ، وانقادوا لما يأمرهم به ، وصاروا إلى ما أصارهم إليه ، ورأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي أفردت بها ، وأن الجنان لا تصير لهم إلا بموالاته ، وبموالاة من ينص لهم عليه من ذريته ، وبموالاة سائر أهل ولايته ، ومعاداة أهل مخالفته وعداوته ، وأن النيران لا تهدأ عنهم ، ولا تعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم (٢) عن موالاة مخالفيهم ، ومؤازرة شانئيهم.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٣) من أداء الفرائض واجتناب المحارم ، ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك ، بشرهم (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) بساتين (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) من تحت شجرها ومساكنها (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها) من تلك الجنان (مِنْ ثَمَرَةٍ) من ثمارها (رِزْقاً) طعاما يؤتون به (قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا فاسماؤه كأسماء ما في الدنيا من تفاح ، وسفرجل ، ورمان ، وكذا وكذا ، وإن كان ما هناك مخالفا لما في الدنيا فإنه في غاية الطيب ، وإنه لا يستحيل إلى ما تستحيل إليه ثمار الدنيا من عذرة وسائر المكروهات ، من صفراء وسوداء ودم ، بل ما يتولد من مأكولهم ، إلا العرق ، الذي يجري من أعراضهم ، أطيب من رائحة المسك.
(وَأُتُوا بِهِ) بذلك الرزق من الثمار من تلك البساتين (مُتَشابِهاً) يشبه بعضه بعضا ، بأنها كلها خيار لا رذل (٤) فيها ، وبأن كل صنف منها في غاية الطيب واللذة ، ليس كثمار الدنيا التي بعضها نيء (٥) ، وبعضها متجاوز لحد النضج والإدراك إلى الفساد من حموضة ومرارة وسائر ضروب المكاره ، ومتشابها أيضا متفقات الألوان مختلفات الطعوم.
(وَلَهُمْ فِيها) في تلك الجنان (أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) من أنواع الأقذار والمكاره ، مطهرات من الحيض والنفاس ، لا ولاجات ، ولا خراجات (٦) ، ولا دخالات ، ولا ختالات (٧) ، ولا متغايرات ، ولا لأزواجهن فاركات (٨) ولا صخابات (٩) ، ولا غيابات (١٠) ، ولا فحاشات ، ومن كل العيوب والمكاره بريات. (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) مقيمون في تلك البساتين والجنان».
__________________
(٢) تنكّب فلانا : أعرض عنه. «المعجم الوسيط ـ نكب ـ ٢ : ٩٥٠».
(٣) قال المجلسي رحمهالله : استدلّوا بالعطف على عدم دخول الأعمال في الايمان وهو كذلك ، لكنّه لا ينفي الاشتراط ، بل استدل في بعض الأخبار بالمقارنة عليه. «البحار ٦٧ : ١٩».
(٤) الرذل : الدون الخسيس ، أو الرديء من كل شيء. «القاموس المحيط ـ رذل ـ ٣ : ٣٩٥».
(٥) النّيء : الذي لم ينضّج. «القاموس المحيط ـ ناء ـ ١ : ٣٢».
(٦) يقال : فلان خرّاج ولاج : كثير الطواف والسعي. «المعجم الوسيط ـ ولج ـ ٢ : ١٠٥٥».
(٧) ختله : خدعه عن غفلة. «المعجم الوسيط ـ ختل ـ ١ : ٢١٨».
(٨) الفرك : البغض ، وفركت المرأة زوجها ، أي أبغضته ، فهي فروك وفارك. «الصحاح ـ فرك ـ ٤ : ١٦٠٣».
(٩) رجل صخب وصخّاب : كثيرة اللّغط والجلبة ، والمرأة صخباء وصخّابة. «مجمع البحرين ـ صخب ـ ٢ : ٩٩».
(١٠) في المصدر : ولا عيّابات.