٤٢٧ / ١٢ ـ وقال الإمام أبو محمد العسكري عليهالسلام : «قال الله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) يقولها ، فقالها (فَتابَ عَلَيْهِ) بها (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التواب (١) القابل التوب ، الرحيم بالتائبين (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) كان أمر في الأول أن يهبطا ، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا ، لا يتقدم أحدهم (٢) الآخر.
والهبوط إنما كان هبوط آدم وحواء من الجنة ، وهبوط الحية أيضا منها ، فإنها كانت من أحسن دوابها ، وهبوط إبليس من حواليها ، فإنه كان محرما عليه دخولها.
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) يأتيكم وأولادكم من بعدكم (مِنِّي هُدىً) يا آدم ، ويا إبليس (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون ، ولا يحزنون إذ يحزنون».
قال : «فلما زلت من آدم الخطيئة ، واعتذر إلى ربه عز وجل ، قال : يا رب ، تب علي ، واقبل معذرتي ، وأعدني إلى مرتبتي ، وارفع لديك درجتي ، فلقد تبين نقص الخطيئة وذلها بأعضائي وسائر بدني.
قال الله تعالى : يا آدم ، أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك ، في النوازل التي تبهظك (٣)؟ قال آدم : يا رب بلى.
قال الله عز وجل (٤) : فتوسل بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين خصوصا ، وادعني أجبك إلى ملتمسك ، وأزدك فوق مرادك ، فقال آدم : يا رب ، يا إلهي ، وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي ، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك ، وأسكنته (٥) جنتك ، وزوجته حواء أمتك ، وأخدمته كرام ملائكتك! قال الله تعالى : يا آدم ، إنما أمرت الملائكة بتعظيمك ـ بالسجود لك ـ إذ كنت وعاء لهذه الأنوار ، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها ، وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منها ، لكنت قد فعلت (٦) ذلك ، ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي ، والآن فبهم فادعني لأجيبك.
فعند ذلك قال آدم : اللهم ، بجاه محمد وآله الطيبين ، بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت علي بقبول توبتي ، وغفران خطيئتي (٧) ، وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي.
فقال الله عز وجل : قد قبلت توبتك ، وأقبلت برضاي (٨) عليك ، وصرفت آلائي إليك ، وأعدتك إلى
__________________
١٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليهالسلام :) ٢٢٤ / ١٠٥ و ١٠٦.
(١) في المصدر : للتوبات.
(٢) في «ط» : أحدكم.
(٣) بهظه الحمل : أثقله وعجز عنه. «مجمع البحرين ـ بهظ ـ ٤ : ٢٨٣».
(٤) في «س» زيادة : فبهم.
(٥) في المصدر : وأبحته.
(٦) في المصدر : جعلت.
(٧) في المصدر : زلّتي.
(٨) في المصدر : برضواني.