فقالت رؤساء اليهود : حدث عن موضع الحجة ، أحجة نبوتك ووصية علي أخيك هذا ، دعواك الأباطيل وإغراؤك قومنا بنا؟ (١).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ، ولكن الله عز وجل قد أذن لنبيه أن يدعو بالأموال التي تختانونها (٢) من هؤلاء الضعفاء ومن يليهم فيحضرها ها هنا بين يديه ، وكذلك يدعو حساباتكم (٣) فيحضرها لديه ، ثم يدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فينطق باقتطاعهم جوارحهم ، وكذلك ينطق باقتطاعكم جوارحكم.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ملائكة ربي ، أحضروني أصناف الأموال التي اقتطعها هؤلاء الظالمون لعوامهم ؛ فإذا الدراهم في الأكياس ، والدنانير و (٤) الثياب والحيوانات وأصناف الأموال منحدرة عليهم سرحا (٥) حتى استقرت بين أيديهم.
ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : آتوا بحسابات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الفقراء ، فإذا الأدراج (٦) تنزل عليهم ، فلما استقرت على الأرض ، قال : خذوها ؛ فأخذوها فقرءوا فيها : نصيب كل قوم كذا وكذا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ملائكة ربي ، اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوا منه وبينوه ؛ فظهرت كتابة بينة : لا بل نصيب كل واحد (٧) كذا وكذا ، فإذا إنهم قد خانوهم عشرة أمثال ما دفعوا إليهم.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ملائكة ربي ، ميزوا من هذه الأموال الحاضرة كل ما فضل مما بينه هؤلاء الظالمون ، لتؤدى إلى مستحقها ؛ فاضطربت تلك الأموال ، وجعلت تفصل بعضها من بعض حتى تميزت أجزاؤها كما ظهر في الكتاب المكتوب ، وبين أنهم سرقوه واقتطعوه ، فدفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى من حضر من عوامهم نصيبهم (٨) ، وبعث إلى من غاب فأعطاه ، وأعطى ورثة من قد مات ، وفضح الله اليهود والرؤساء ، وغلب الشقاء على بعضهم وبعض العوام ، ووفق الله بعضهم.
فقال الرؤساء الذين هموا بالإسلام : نشهد ـ يا محمد ـ أنك النبي الأفضل ، وأن أخاك هذا هو الوصي الأجل الأكمل ، فقد فضحنا الله بذنوبنا ، أرأيت إن تبنا وأقلعنا ماذا تكون حالنا؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذن أنتم رفقاؤنا في الجنان ، وتكونون في الدنيا في دين الله إخواننا ، ويوسع الله تعالى أرزاقكم ، وتجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافا (٩) ، وينسى هؤلاء الخلق
__________________
(٦) أغرى الإنسان غيره بالشّيء : حرّضه عليه. «المعجم الوسيط ـ غرا ـ ٢ : ٦٥١».
(٧) خانّ الشيء : نقّصه. «المعجم الوسيط ـ خان ـ ١ : ٢٦٣». وفي المصدر : خنتموها.
(٨) في المصدر : حسباناتكم.
(٩) في المصدر زيادة : إذا.
(١٠) سرحا : أي سهلا سريعا. «لسان العرب ـ سرح ـ ٢ : ٤٧٩» ، وفي المصدر : من حالق ، أي من مكان مشرف. «الصحاح ـ حلق ـ ٤ : ١٤٦٣».
(١١) الدرّج : وهو الذي يكتب فيه. «الصحاح ـ درج ـ ١ : ٣١٤».
(١٢) في «ط» : قوم.
(١٣) في المصدر : نصيبه.
(١٤) في المصدر : أضعافها.